في هذه الفترة الحساسة من تاريخنا، وفي ظل التحديات التي تواجه أوطاننا، وفي خضم المعضلات، التي ألمت بنا ولا تزال تلقي بظلالها على المشهد السياسي المحلي، علينا ألا ننسى ذكر الإنجازات التي تتحقق على أرض البحرين الطيبة. كما أن علينا ألا يغيب عن بالنا ونحن نستحضر هذه الإنجازات، أن ننسب الفضل إلى أهله، فالضمير والواجب يحتم علينا أن نشيد بالقيادة السياسية، التي تقف وراء الحراك التنموي الذي ينتشر في ربوع بلادنا.
فعلى الرغم من كل المشكلات والمعوقات التي تحيط بنا، والتي يسعى أعداء الوطن والأمة إلى إثارتها، والعمل من أجل استمرارها من أجل وقف هذا الحراك بهدف التصيد في الماء العكر، من أجل تحقيق غاياتهم، إلا أنَّ القيادة السياسية في بلادنا ولله الحمد مستمرة في تنفيذ برامجها التنموية، وفقاً لخططها المرسومة، لأنها تضع نصب أعينها شعبها الوفي الذي أحبته وأحبها، وهي تدرك وتعي جيداً أنَّ التاريخ لا يرحم، وأنَّ القادة العظام هم فقط الذين من يعبرون بأوطانهم إلى شواطئ الأمان وسط الأمواج المتلاطمة والرياح العاتية. ومثل هؤلاء القادة هم فقط من يذكرهم التاريخ ويسجل إنجازاتهم بحروف من نور، لأنهم بالفعل عملوا من أجل شعوبهم وانتصروا لحقوقهم، واستمعوا لآرائهم وانحازوا إلى الفقراء منهم. نقول ذلك لأننا نرى بأم أعيننا أنَّ عجلة التنمية في البحرين لم تتوقف في كل قرية ومدينة من محافظات البحرين الخمس، فحركة بناء الجسور وتوسعة الطرق مستمرة، وإنشاء مجاري الصرف الصحي، والتوسع في المشاريع الإسكانية وبناء المدن الجديدة تسير وفقاً للخطط الموضوعة، كما أنَّ دعم مشروعات التعليم وتطويره والتوسع في المشاريع الصحية تسير على قدم وساق، ووضع الخطط لتوسعة مطار البحرين الدولي، وإنشاء الموانئ ودعم الصناعة من خلال إقامة المناطق الصناعية، والعمل على جذب الاستثمارات الصناعية وغيرها بقصد تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل لشباب البحرين في حراك دائم. كل ذلك أمثلة وشواهد حية تجعل المراقب المنصف للمشهد التنموي يشيد بهذه الإنجازات، ويثني على من يقف وراءها. وهنا تقتضي الأمانة وتحتم علينا أن نذكر بكل فخر واعتزاز رجل التنمية الأول وباني نهضة البحرين الحديثة مع شقيقه المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، الذي نال ثقته فأوكل إليه إدارة الحكومة عقب الاستقلال مباشرة في بداية السبعينيات من القرن الماضي، عندما لمس فيه صفات القائد السياسي المحنك، ورجل الدولة البارز، والإداري الاستراتيجي المتميز. وبهما استطاعت البحرين أنْ تشق طريقها نحو التقدم، وأصبحت لها مكانة مرموقة في العالم، وحضوراً قوياً على المستويين الإقليمي والدولي. ونتيجة لهذه الصفات القيادية التي يتمتع بها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، فليس من المستغرب أن يجدد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الثقة في خليفة بن سلمان ويوكل إليه مهمة رئاسة مجلس الوزراء في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة، التي تمر بها بلادنا ليواصل المسيرة الخيرة، التي بدأها مع والده طيّب الله ثراه. وفي ظني أنَّ القراءة السياسية الواعية لجلالة الملك للمشهد المحلي والإقليمي والدولي، ونظرته الثاقبة للأمور السياسية دفعته في الاتجاه نحو تجديد الثقة في سموه. ففي هذه المرحلة التاريخية التي تمر بها البحرين، فإنها بحاجة إلى شخصية قيادية شجاعة وجريئة في وزن خليفة بن سلمان لقيادة الحكومة. لقد أعطى الوطن، ولا يزال يعطيه بدافع العشق والحب الشديدين لتراب هذا الوطن ولأهله وناسه، وهو في ذلك يجسّم إحدى تعريفات القيادة التي يعرفها أحد الباحثين بالقول:»هي عملية كسب العقول والقلوب» ولذلك فهو كسب قلوب البحرينيين وعقولهم، ولذا نراه دائماً يشيد بشعب البحرين ويعتز بالمواطن البحريني في كل المناسبات وفي المحافل الدولية، ويرجع نجاحه إلى إيمانه بهذا الشعب وحبه له. وفي هذا السياق نستحضر إحدى مقولاته التي تبين مدى حبه لمواطنيه فيقول: «الشيء الذي يمنحني السعادة قدر التقاء أهلي من أبناء هذا الوطن، أستمع إليهم وإلى آرائهم وأفكارهم وأتعرف على وجهات نظرهم في كل القضايا والموضوعات المثارة، ورغم أنه تصلني تقارير متابعة دورية من كل المسؤولين، فإنني أحرص دائماً على اللقاء الشخصي والمباشر الذي يكون فرصة طيبة للتعرف مباشرة على كل الآراء».
إننا لو أردنا الحديث بإسهاب عن سيرة هذا الرجل المعطاء فلن يكفينا مقال واحد أو اثنين، أو حتى عشرة لتغطي تاريخه الناصع الحافل بالعديد من المحطات المضيئة، لكنني وفي ظل الظروف التي تعيشها البحرين أود التوقف قليلاً في إحدى هذه المحطات، والتي نطل من خلالها على المكنون الإنساني العظيم، الذي يحويه قلب هذا الرجل ورؤيته الثاقبة للأمور واستشرافه للأحداث ونظرته الصائبة للرجال.
إنَّ أهم ما يميز خليفة بن سلمان أنه رجل لا يفرّط في الثوابت، وأنه شخص استطاع أنْ يشق طريقه في مختلف الظروف السياسية الصعبة، وأنْ يبحر ويتخطى الأمواج والعواصف ليصل إلى بر الأمان، فهو لم تزده الأيام العصيبة إلا صلابة الموقف والإخلاص للوطن، إنه ذلك الشخص الذي دائماً ينحاز إلى مصلحة الوطن ويفكر في مستقبله، فهو لم يقطع الأمل بشعب البحرين وقدرته على تجاوز التحديات والصعاب، لأنه يعرف هذا الشعب حق المعرفة، ولذلك فهو يعزف مع كل البحرينيين الأوفياء لحن المستقبل الواعد للبحرين، الذي من مقوماته الأساسية الأمن والاستقرار.
يقول نابليون بونابرت:»لا يستطيع أحد أن يقود أفراداً دون أن يقوم بتوضيح المستقبل الخاص بهم، فالقائد هو بائع الأمل». من خلال هذه المقولة يتضح لنا الدور العظيم للقائد، وهو بلورة الرؤية والأهداف البعيدة. وخليفة بن سلمان أحد القادة الذين جسدوا هذه المقولة على أرض الواقع، والتي كان من ثمارها الإنجازات العملاقة التي غيرت وجه البحرين، وجعلت منها إحدى الدول الرائدة في التنمية، وبذلك لا نغالي إذا قلنا إنه أمير الإنجازات