ما أبطأ تحرك العالم عندما يتعلق الأمر بالنشاط الإرهابي والتخريبي الإيراني، وما أسرعه عندما يتعلق الأمر بتطور الأحداث في العالم العربي، سرعة التصريحات الأمريكية والغربية في أي موضوع يخص العالم العربي وتباطؤها عندما يتعلق الأمر بإيران وإرهابها يذكرني بالمثل الشعبي العراقي (أبوي ما يقدر إلا على أمي)..
وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية؛ يعتبر فيلق القدس الإيراني الإرهابي المسؤول عن فرع العمليات الخارجية لقوات الحرس الثوري الإيراني، وهو الآلية الرئيسة للنظام في رعاية ودعم الإرهابيين في الخارج الذين يشكلون جزءاً من مشروع تصدير الثورة القديم المتجدد، وقد صنفت وزارة الخزانة الأمريكية فيلق القدس على أنه “منظمة إرهابية عالمية”، وقامت بتجميد أرصدته بموجب قوانين السلطات القضائية، وفرضت حظراً على تعاملاته مع أطراف أمريكية وأخرى غير أمريكية، كما اتخذت إجراءات ضد العديد من المسؤولين الكبار في فيلق القدس؛ ومنهم قائد التنظيم قاسم سليماني، لكن التمويل المالي لفيلق القدس الإرهابي لا يزال مستمراً بسبب تعاون العشرات من الشخصيات العربية، ولأن قادة التنظيم سيجدون متبرعين في العراق ولبنان وسوريا والخليج العربي للعب دور الوسيط المالي الخارج عن الرقابة الأمريكية، مما يسهل عمل هذا الذراع الإرهابي على نطاق عالمي؛ حيث يمتلك إدارات منفصلة لإدارة عملياته الإرهابية في العراق ولبنان وفلسطين والأردن وأفغانستان وباكستان والهند وتركيا وشبه الجزيرة العربية، خصوصاً دول الخليج العربي، والدول الآسيوية ودول الاتحاد السوفيتي سابقاً والدول الأوروبية وأمريكا الشمالية وشمال أفريقيا.
وفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية فإن منظمة حزب الله اللبنانية الإيرانية هي أكبر مستفيد من الدعم المالي والتدريب والأسلحة من إيران، وقد ألمحت القيادة العليا في إيران إلى منظمة حزب الله كنموذج لجماعات مسلحة أخرى تنتشر بشكل مستتر في الخليج العربي واليمن والعراق وسوريا ومصر وفلسطين بحسب مصادر صحفية عديدة.
في شهر أكتوبر 2010، احتجزت قوات الأمن النيجيرية سفينة أسلحة إيرانية في ميناء لاغوس، وقد قادت عملية مصادرة السلاح إلى اعتقال ضابط في جيش القدس يشتبه بقيامه بتسهيل عبور السفينة، وفي شهر نوفمبر الماضي رفعت نيجيريا تقريراً إلى الأمم المتحدة حول الحادثة بسبب الحظر الدولي المفروض على نقل الأسلحة من وإلى إيران، وعلى أثر هذه الحادثة قطعت كل من غامبيا والسنغال علاقاتهما مع إيران.
إذاً أذرع الموت الإيرانية ليست في أمريكا الجنوبية فقط وليست في العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه؛ إنما في أفريقيا أيضاً، حيث حدثني أحد الزملاء الصحافيين الطوارق أن إيران تسعى بشكل حثيث للتواصل مع الطوارق، إلا أن المنهج السلفي للطوارق يجعلهم بعيدين نوعاً ما عن التوجه الإيراني، لكن زميلي الطوارقي يقول إذا استمرت إيران بضغطها ومع انعدام مصادر تمويل أخرى للحركات الإسلامية المتشددة في الصحراء الكبرى وأفريقيا فربما تصبح هذه الحركات جزءاً من المشروع الإيراني.
لا أفهم شخصياً ماذا تنتظر أمريكا إذا كانت فعلا جادة في محاربتها الإرهاب كما تزعم؟ ماذا ينتظر أوباما وإيران تعلن على رؤوس الأشهاد وفي كل المحافل أنها قوة شر وأذرع الموت تمتد منها إلى عواصم عربية وغير عربية مهددة بالويل والثبور لكل من لا ينضوي حباً أو كرهاً تحت لواء الموت الذي ترفع إيران لواءه باسم الإسلام، والإسلام من كل متطرف براء.