«ملل.. مافي برامج.. وين الواحد يروح؟”، مثل هذه العبارات دائماً ما تسمع من الشباب وقت العطلة الصيفية فيما لو سئلوا عن كيف يقضون وقتهم، فهل هناك نوادي أو برامج قد اشتركوا فيها لاستثمار وقتهم بدل الجلوس في المنزل بلا فائدة لممارسة ظاهرة “أكل ونوم وملل وقلة عمل”. هؤلاء الشباب، الذين هم الشريحة العريضة من المجتمع، بعيدة عن العمل الشبابي والتطوعي المعروف شبابه ورواده، لا هوية لهم في مجال الاهتمامات والهوايات، وغالباً ما يمكن تصنيفهم في خانة “شباب مايزال يبحث عن هويته الشبابية ولم يجد بعد هواية تشغل وقت فراغه”، فهو ضائع البوصلة فيما يخص ما الذي يمكنه أن يقدمه لنفسه ولمجتمعه ولوطنه، ويجهل الدرب الصحيح الذي يكشف له إمكانياته ومواهبه، كما في الغالب يكون هؤلاء الشباب من النوع المنعزل اجتماعياً والخجول، ويجد صعوبة في الاختلاط بالمجموعات الشبابية، كما إن مسألة عدم توافر المواصلات لهم وبعد مناطقهم السكنية عن مواقع الجهات الشبابية واقتصار الأنشطة المطروحة على عدد محدود من الشباب لا يتجاوز في الغالب 100 شاب في أحسن الأحوال وغيرها من الأسباب تجعل هذه الشريحة، والتي تعد أكبر الشرائح المجتمعية، خارج دائرة المشاركة، لذلك فقد تعددت الأسباب والملل واحد!! لو يفكر هؤلاء الشباب بمبدأ “اخلق برنامجاً ولا تنتظره” وهندسة خارطة مستقبله بدءاً بعتبات ممارسة هوايات مترابطة ولها أبعاد مستقبلية على حياته وحتى وطنه لاستطاع أن يتجاوز حالة “الملل” الدائمة التي تسكنه، والتي تدفعه للجلوس لوقت طويل أمام شاشات التلفاز أو النوم بلا عمل وفائدة، ولاستطاع أن يجد المتعة الكبيرة عند ممارستها ويفهم مدى جدواها ويحصد منفعتها بشكل مباشر. إن الفضاء الكبير المتاح أمامهم على الإنترنت يمكنهم من الحصول على كل ما يريدونه بضغطة زر، ليس لممارسة هواياتهم فحسب؛ بل لاكتشاف مواهب وقدرات بداخلهم قد لا يكونوا يدركونها، ولعل من يتابع المنتديات الإلكترونية وأدوات التواصل الاجتماعي سيجد كثيراً من الشباب قد تطورت قدراتهم في التصميم والكتابة والتصوير والمونتاج، بل حتى على مستوى شخصيته الإنسانية ومهارات تواصله مع الآخرين، كما إن هناك من تحول بين يوم وليلة إلى مشروع أديب أو شاعر أو مخرج أو مصور أو مصمم، في الوقت نفسه الذي سمح لهم هذا الفضاء بكسر حاجز العزلة الاجتماعية التي فرضوها على أنفسهم، وهناك كثير من الصداقات الإلكترونية بين الشباب تطورت إلى الصداقة الحقيقية على أرض الواقع، وكثير منهم وجد نفسه وفهم قدراته وبدأ يفهم إمكانياته ويشعر بالمسؤولية، ليس تجاه نفسه فحسب بل مجتمعه ووطنه، وحدد خارطة مستقبله وطموحاته. من يدعي الملل ننصحه باستغلال وقت فراغه بالعطلة الصيفية في تعلم هوايات ومهارات ستخدمه مستقبلاً، ليس على النطاق الشخصي فحسب؛ بل حتى على المستوى الوظيفي؛ كتعلم الفوتوشوب وتصميم المواقع الإلكترونية والمجموعات البريدية وإدارتها والترجمة واللغات الأجنبية الأخرى والمونتاج والمكساج والتأليف، والتي ستمهد لهم مستقبلاً الدخول في عالم الأعمال والعمل في مؤسسات إلكترونية وإعلامية واجتماعية والعلاقات العامة. نختتم كلماتنا بالتذكير بأزمة البحرين الأخيرة والتي استشعر فيها كثير من الشباب بالأسف كونهم أهدروا سنوات عمرهم وأوقات فراغهم بعيداً عن تعلم العديد من مهارات التصميم والمونتاج والتصوير التي كانت بلاشك ستخدم القضية البحرينية إلكترونياً.