عقد حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي مؤتمره العام الثالث في الفترة الواقعة ما بين 22 و23 من سبتمبر الجاري العاصمة البريطانية لندن، وانتهى بانتخاب هيئاته القيادية وأصدر بياناً ختامياً جاء فيه؛ “إن التطورات المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط والوضع الأمني إضافة إلى القمع المستمر الذي يواجهه الشعب العربي الأهوازي، دفعنا للعمل بعيداً عن أي نوع من الاحتكار والأنانية بغية فهم أفضل للوضع في إقليم الأهواز في مساعي تحقيق المطالب الثقافية والاقتصادية والسياسية للشعب العربي الأهوازي. وذلك بالتعاون مع إخواننا في باقي الأحزاب والمنظمات الأهوازية. كما وأخذنا بنظر الاعتبار كافة التطورات الإقليمية والعالمية والقوانين الدولية، وبعد دراسات معمقة لما يجري على الساحة في إقليم الأهواز توصلنا إلى الاتفاق على وضع سياسات ناجعة وحلول عقلانية تضعنا قبل كل شيء في موقع المسؤول ونحن على علم أن تقبل هذه المسوؤلية الخطيرة يتطلب إرادة صلبة لتحقيق أماني شعبنا العربي المضطهد في إقليم الأهواز”.
كما جاء في توصيات المؤتمر وحسب بيان الحزب الذي نشر على موقعه على شبكة الإنترنت؛ “يوصي المؤتمر بمراجعة ودراسة جميع القضايا الإقليمية والعالمية ذات الصلة بإقليم الأهواز وإيران. وفي هذا المضمار لا يمكننا الاستغناء عن تجارب وآراء الأصدقاء والأخوة من خارج الحزب للوصول إلى أكثر المناهج تلاؤماً وإدراكاً للواقع الموجود..” الخ..
انطلاقاً مما جاء في بيان حزب التضامن ونظراً لصلة القربى والإخاء بيني وبين كوادر الحزب، حيث ولد حزب التضامن من رحم “التيار الوطني العربي الديمقراطي في الأحواز” وذلك في عام 2003، أتطرق هنا بلغة الأخوة وأشرح بعض النقاط، وبغض النظر عما عمله الحزب طيلة السنوات الماضية وما قدمه من نجاحات سياسية مذهلة في أكثر من محطة هامة ومصيرية، خصوصاً في فتح قنوات دولية للتعريف بالقضية الأحوازية ولفت نظر المجتمع الدولي عما يحدث في الأحواز ودور اللجنة الإعلامية في الحزب الذي لعبت دوراً هاماً إبان انتفاضة نيسان عام 2005.
لكن أثني وأقول وبلغة الأخوة؛ أرى ويرى الكثيرون أن حزب التضامن الديموقراطي الأهوازي على العكس ما نشر في بيانه الأخير مثله مثل بعض التنظيمات الأحوازية الذي تعمل على احتكار التمثيل باسم الأحواز، فخلال حضور الحزب في الاجتماعات الدولية والإيرانية يصور نفسه كممثل شرعي للقضية الأحوازية، وذلك من خلال الأدبيات السياسية الذي يقدمها، مما يثير الاستغراب للمواطن الأحوازي والمراقب السياسي والمتتبع الإعلامي.
وتحديداً هنا؛ حيث الحزب يتبنى الفيدرالية كمشروع سياسي له وكطريق أمثل للقضية الأحوازية، في المقابل توجد قوى سياسية أحوازية ترى أن العمل على تنفيذ حق تقرير المصير هو الحل الأنجع، كما توجد قوى أخرى تؤمن بطرد الاحتلال الفارسي من الأحواز بشكل مباشر، وإن كان هذا الحل يتطلب تكلفة كبيرة على كافة المستويات، كذلك يوجد من يتحدث عن تنفيذ المواد المعطلة في الدستور الإيراني لكسب بعض الحقوق الثقافية للشعب العربي الأحوازي.
لا أريد مناقشة كل هذه المشاريع، وأرى كل هذا عبارة عن حالة صحية تسود الشارع السياسي الأحوازي، لكن أتوجه لحزب التضامن الديموقراطي الأهوازي وأضع أصبعي على بعض المفاهيم لدغدغة أفكار من اتخذوا قرارات المؤتمر الثالث وساهموا بصياغة البيان الأخير للحزب على أمل إصلاح الأمور قبل فوات الأوان.
الخريطة؛ يتبنى حزب التضامن الفيدرالية على أسس الجغرافيا القومية كمشروع سياسي لحلحلة القضية الأحوازية، وفي نفس الوقت يشطب الحزب الجزء الجنوبي العربي والجزر العربية في الخليج العربي، وتبقى خطة إنشاء الفيدرالية حسب برنامج حزب التضامن في جزء من خريطة (محافظة خوزستان “حسب التسمية الإيرانية”)، وكذلك لم يوضح الحزب خلال برنامجه ومؤتمره الثالث وضع الأقلية السريانية المتبنية الفارسية في الأحواز في مدينتي تستر والقنيطرة وكذلك المستوطنين من اللور وغيرهم من قوميات، وما هو مصير جميع هؤلاء في فيدرالية الأحواز القادمة؟
التسمية؛ الرأي العام الأحوازي كان يترصد مؤتمر التضامن أن يخرج بنتيجة معينة في هذا الصدد، وعلى الأرجح من خلال قرار سياسي بعيد عن الأنانية كما جاء في بيان الحزب ويتبنى الحزب تسمية “الأحواز” كي لا تبقى قضيتنا ما بين تيارين تحرري وآخر فيدرالي تتأرجح بعنوانين.
في هذا المضمار نرى أبناء الشعب العربي الأحوازي يكتبوا “الأحواز” على جدران بيوتهم وفي شعاراتهم المناهضة لإيران وفي معظم المظاهرات، ونرى الأفلام ونسمع أصوات المتظاهرين تهتف باسم “الأحواز”، وعلى سبيل المثال وبما أن حزب التضامن يتبنى الفيدرالية على شاكلة إقليم كردستان العراق؛ أليس من الأفضل أن الأخوة في هذا الحزب يحذوا حذو إقليم كردستان العراق، حيث أن قيادات هذا الإقليم منعت دخول العلم العراقي إلى أراضيها؟ هنا تحديداً ألا يستطيع حزب التضامن أن يتخطى رضاء المعارضة الإيرانية بتبنيه تسمية “الأهواز” ويكسب رضى أهله وشعبه والتنظيمات الأحوازية الأخرى ويساعد الرأي العام العالمي في إزالة الغبار عن ملف هذا الشعب الأعزل، وكذلك يعمل على الشفافية أكثر فيما يتعلق بعلاقاته مع أحزاب وتسميات معينة في صفوف المعارضة الإيرانية الذي تكمن كل الحقد ضد كل ما هو عربي وتتلاعب بتغيير المفردات وتريد الالتفاف حول أحزاب وقيادات الشعوب غير الفارسية بغية عرقلة كافة مشاريع هذا الشعوب الذي تتطلع إلى الحرية من بوتقة الاضطهاد الإيراني؟
الاقتصاد؛ منذ تأسيس الحزب إلى يومنا هذا لم نر أي مشروع اقتصادي لإدارة الفيدرالية المنشودة عند الحزب، وظلت إدارة المنطقة الفيدرالية حسب برنامج الحزب على صعيد الاقتصاد أمراً غامضاً. كذلك في ملفات أخرى مثل الأمن وقطاع النفط والمياه وشؤون السلطات المختلفة في الفيدرالية جميعاً لم تتضح معالمها، وكذلك المؤتمر الثالث للحزب لم يناقش الموضوع.
اللغة؛ يرى حزب التضامن في برنامجه عن إنشاء الفيدرالية في الأحواز أن اللغة العربية هي اللغة الأولى والفارسية تبقى اللغة الثانية في الإقليم، لكن نرى في تجربة ولاية (كبك) الكندية كتجربة ناجحة حيث تم منع تدريس اللغة الإنجليزية منعاً باتاً لمدة ثلاثين عاماً في بداية تأسيس الفيدرالية هناك، حتى إن اللغة الأم لشعب كبك، أي اللغة الفرنسية، استطاعت أن تنجى من الموت المحتم وتتعافى مرة أخرى.
هل يستطيع الشعب الأحوازي في خريطة (خوزستان) وفي ظل الفيدرالية المنشودة لدى حزب التضامن أن يمنع تدريس الفارسية لفترة معينة حتى تستطيع اللغة العربية أن تستعيد عافيتها في الأحواز؟ وهل حزب التضامن والشعب العربي الأحوازي دون تواجد قوى أمنية خاصه به ودون حماية قوانين دولية وفي جغرافيا (خوزستان) المتداخلة قادراً على تنفيذ هكذا قرار؟ كذلك هذا الموضوع لم يتطرق له الحزب في كافة مؤتمراته.
العلاقات الأحوازية - الأحوازية؛ نبارك لحزب التضامن دعوته لفصيل أحوازي تحرري، أي الجبهة العربية لتحرير الأحواز، لحضور مؤتمره الثالث، وكذلك دعوتهم لأفراد آخرين انتقدوا الحزب وسياساته في نفس المؤتمر، لكن أليس من الصواب أن تتم دعوة شاملة لكافة القوى الأحوازية بما فيها من يتبنى الكفاح المسلح، وهنا أيضاً يحذوا الحزب حذو زملائه كحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني وحزب كادحي كردستان “كومله” وبعلاقاتهم شبه العلنية مع حزب حياة كردستان الحرة “بيجاك” الذي يتبنى الكفاح المسلح منذ بداية تأسيسه؟ الأخوة في حزب التضامن ألا تفكروا بالمساهمة بكسر الحواجز وإيجاد روح الأخوة الأحوازية بغية كسر هيبة النظام الإيراني الذي يدوس أشلاء أبناء الأحواز بشكل يومي؟
علاقات الحزب مع المنظمات الدولية؛ منذ سنوات ونحن نسمع أن حزب التضامن عضو مؤسس في منظمة الشعوب غير الممثلة (يو إن بي أو) ويشغل كرسي الأحواز في هذه المنظمة، لكن؛ أليس من واجب الحزب أن يقدم تقريراً واحداً للشعب العربي الأحوازي وينشر ما عمله وما قدمه خلال عضويته في هذه المنظمة الدولية طيلة السنوات الماضية؟ وكذلك عن مؤتمر شعوب إيران الفيدرالية، أرى وحسب علاقاتي مع مؤتمر شعوب إيران الفيدرالية أنه لا يوجد أي تقدم لدى هذه الجماعة، وكل ما هو موجود، بغض النظر عن الأحزاب الكردية، عبارة عن أحزاب تتكون من عدة أفراد، وظل مؤتمر شعوب إيران الفيدرالية مهمش الحال سياسياً وليس متكاملا وليس لديه برنامج عمل يتابعه بشكل منتظم وبانسجام لتحقيق طموحاته السياسية. لا أدعيكم أو أنصحكم بترك مؤتمر الشعوب ولكن أتمنى أن يكون هناك قدر من الاهتمام أيضاً، حيث تلفتوا النظر إلى كافة التنظيمات الأحوازية وتساهموا بإنشاء مظلة أحوازية ترعى مصالح أهلكم وشعبكم المغلوب على أمره.
العلاقة مع منظمة حقوق الإنسان الأهوازية؛ عملت منظمة حقوق الإنسان الأهوازية خلال السنوات الماضية قدر استطاعتها وإمكانياتها المحدودة بشكل دقيق ومنتظم، وقدمت الكثير للشعب الأحوازي على مستوى ملفين، الملف الأول متابعة قضايا الأسرى الأحوازيين في إيران، أما الملف الثاني فهو ملف طالبي اللجوء من أبناء الشعب العربي الأحوازي في كافة أنحاء العالم. لكن وحسب معلومات أن منظمة حقوق الإنسان الأهوازية خضعت لقرارات الحزب السياسية في أكثر من محطة، وكان من المفترض أن يفصل المؤتمر الثالث للحزب بين مفهومي “السياسة” و«حقوق الإنسان” بشكل واضح، ويترك المنظمة دون أن يتدخل بشؤونها تحت أي مسمى ومها كان هذا التدخل.
أكتفي هنا بهذا القدر من النقد والانتقاد؛ حيث للحديث تتمة ليس على صفحات صحيفة (الوطن)، إنما أرجح أن يحدث ذلك عبر لقاءات وجه لوجه وبين كافة التكتلات والأحزاب الأحوازية بغية إزالة الغبار عن قضيتنا أمام الرأي العام العالمي ومراكز صنع القرار في هذا العالم المترامي الأطراف سياسياً، وأقول أن الشعب العربي الأحوازي يحتاج اليوم لجميع أبنائه بكافة توجهاتهم السياسية.
وحتى نحمي أهلنا من بطش الدولة الفارسية اليوم وتصل سفينتنا إلى اليابسة غداً؛ فلا بد من حضور الماجدات بدورهن الفاعل في كافة ساحات النضال، وكذلك نحتاج لحكمة التيار الوطني ورصاصة حركة النضال ومثابرة الجبهة الشعبية وعلاقات حزب التضامن وتجربة كل من الجبهة العربية وميعاد والمجلس الوطني وكافة الأحزاب والتسميات الأخرى دون استثناء، كذلك لن تستغني الساحة الأحوازية عن حضور الشباب المؤمن والعصامي المستقل الذي يحمل هموم شعبه على أكتافه، وعلى أمل أن نلتقي على تراب الأحواز ونقف صفاً واحداً أمام العدو الإيراني حتى تزغرد الماجدة الأحوازية زغاريد النصر كي يسمع العالم حينها أن الأحواز تخلصت من العبودية الفارسية.