قبل أيام جرت مراسم حفل زفاف الإعلامي الشجاع منتظر الزيدي، في ظل انتشار واسع لصدى زفافه على صعيد كافة وسائل الإعلام العالمية وفي كل مواقع التواصل الاجتماعي.
تصادف هذه الأيام، الذكرى المجيدة لقذف الزيدي حذاءه العظيم في وجه الرئيس الأمريكي الصغير جورج دبليو بوش، والذي تناولت وسائل الإعلام عن احتمالية عرضه للبيع في المزادات العالمية العلنية، لما له من قيمة عظمى في نفوس البشر، حيث عبر الزيدي عمَّا يعتمل في صدور سكان الكرة الأرضية من أذىٍ تجاه بوش وسياسة واشنطن تجاه العالم.
تعتبر فترة حكم الرئيس بوش الابن من أسوأ فترات الحكم الأمريكي الطائش، كما يعتبر بوش من أسوأ الحكام الذين تعاقبوا على حكم الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة أن عصر هذا الرجل يعتبر من أسوأ العصور وأكثرها عنفاً عبر العالم، ذلك حين خلفت حروبه المزعومة ضد الإرهاب الملايين من القتلى والجرحى والمشردين من المدنيين، كما أدت سياسته إلى انهيار الاقتصاد العالمي برمته.
من المؤكد أيضاً أن سياسة الرئيس بوش أدت إلى تنامي حالة الكراهية تجاه واشنطن، خصوصاً حين أعلن الحرب على العراق وأفغانستان، إضافة لتدخله القبيح في شؤون المنطقة والشرق الأوسط، ناهيك عن انحيازه السافر للكيان الصهيوني الغاصب وتجاهله للقضية الفلسطينية، وإلحاق أكبر الخسائر وأفدحها تجاه إخوتنا في فلسطين، وفي مختلف الدول العربية.
إن مخلفات السياسة البوشية البوليسية مازالت تلقي بظلالها على واقعنا العربي، ولن تُمحى من الذاكرة المعاصرة بالسهولة التي تخيلها الرئيس الحالي باراك أوباما، حين حاول تطييب الخواطر في القاهرة بعد مجيئهِ للحكم، فالرئيس بوش أساء للعرب بطريقة مهينة للغاية، ولهذا عبر بعض المراقبين السياسيين أن بوش صاحب الحذاء كان أسوأ شخصية للعام 2007.
ربما يعتبر البعض حادثة الزيدي كبقية الحوادث العارضة، لكنها في الواقع كانت ترجماناً حقيقياً لقيمة بوش وثمناً لسياسته في الشرق الأوسط، كما إنها تمثل رغبة كل عربي في أن يوصل رسالته باللغة العربية عبر الحذاء إلى أمريكا.
باختصار؛ فإن الزيدي مثَّل كل العرب حين قذف بوش بقندرته العراقية، ولهذا استحق أن يكون رمزاً ضد حقبة مليئة بالظلم والاضطهاد والجور، كما كان الحذاء، القيمة الرمزية التي كان يستحقها أيّ رجل مهما علا شأنه حين يتطاول على العرب والمسلمين.
من يقرأ تاريخ الزيدي يتيقن تمام اليقين أنه لم يفعل ذلك لأجل أن يلفت الأنظار نحو شخصه البسيط والمتواضع، فهو رجل عادي للغاية ومنعزل وهادئ، لكنه أراد برميه الحذاء الثمين أن يلفت إرادة ورغبة الإدارة الأمريكية إلى أمر في غاية الأهمية، مفادها أن قيمتكم في نفوس كل العرب لا تتجاوز قيمة هذا الحذاء حين لا تحترمون أنفسكم.
ستظل أمريكا عظيمة بعطائها وشعبها وإنجازاتها وبكل ما يمكن أن يرتقي بالإنسانية نحو الكرامة والتحضُّر، لكن بوش تحديداً لم يفعل ذلك على الإطلاق، ولهذا استحق صفعة حذاء يساوي وزنه ذهباً.
فشكراً للعراقي الشريف منتظر الزيدي، ونبارك له زفافه الميمون، وهارد لك بوش.