يجتمع عناصر من «الحشد الشعبي» في بغداد أمام سفارة دولة الكويت، وفي الأثناء يجري معمم يرتدي بدلة عسكرية مكالمة هاتفية مع الهارب من الأحكام في الكويت عبدالحميد دشتي، هو يثني على دور وأداء الحشد، والمعمم يثني على مواقف دشتي ويعده بأنهم سيظلون مساندين له، مؤكدين بذلك العلاقة بينه وبين أولئك الذين تثار حول ماهيتهم الكثير من الأسئلة ويرتاب حتى كثير من العراقيين من الذي يقومون به. دشتي أيضاً صار ينشر تغريدات عن عمليات خطط لها الحوثيون واتخذوا فيها قراراً، ينشر عنها قبل أن تنفذ ثم يتبين أنها بالفعل نفذت كما أعلن بالضبط، والأمر نفسه يتكرر في تغريداته التي تتناول المشكلة في سوريا حيث يتحدث عن عمليات عسكرية سيقوم بها النظام السوري وقرارات قبل أن تنفذ ويعلن عنها. هذا يعني أن علاقة غير عادية تربط بينه وبين كل هؤلاء في سوريا والعراق واليمن، وأن هذه العلاقة ليست جديدة، وهذا يعين على الاستنتاج أن العلاقة بينه وبين البعض الذي صار يتحرك في البحرين والسعودية وفي أي دولة خليجية ليست علاقة تعاطف تولدت قريباً وإنما هي علاقة شراكة قديمة قام بناء عليها بعمل ما ظل ينكره طويلاً.

ليس صحيحاً إذن أن ما صار يتقوله هذا الشخص على السعودية ردة فعل نتيجة الأحكام التي صدرت ضده في الكويت إثر تطاوله على السعودية، وليس صحيحاً أن تهجمه على بعض زملائه من النواب بمجلس الأمة الكويتي ردة فعل نتيجة التصويت ضده ونزع الحصانة منه وتقديمه للمحاكمة، وكذلك ليس صحيحاً أن دعمه بالتصريحات والمواقف وبالمال أيضاً للحوثيين وللحشد الشعبي في العراق ولبشار الأسد ولمواقف إيران و«حزب الله» ردة فعل بسبب ما جرى عليه، فالصحيح كما هو واضح من تغريداته ونشاطه ومقالاته وتصريحاته والمقابلات التي تجريها معه الفضائيات والإذاعات والمواقع الإلكترونية «السوسة» في إيران ولبنان وسوريا والعراق واليمن، الصحيح هو أنه يعمل مع كل هذه الجهات ويشاركها في التخطيط والتنفيذ.

دشتي عنصر مهم لكل هذه الجهات لكنه انكشف فصارت تستفيد منه بطريقة مختلفة، لكن آخرين معه لم ينكشفوا بعد، ولعلهم يقومون بدور أكثر خطورة منه، والغالب أنهم عملوا مع تلك الجهات منذ فترة بعيدة، ذلك أنه من المستحيل أن تتمكن تلك الأطراف من التحرك في دول مجلس التعاون من دون مساعدة من باع وطنه وأهله.

الأكيد أن دشتي وفر كميات من المعلومات لتلك الجهات، والأكيد أن الذين لم يتم اكتشافهم بعد وفروا كميات أخرى ساعدتها وتساعدها على التحرك ومعرفة تفاصيل ما كان لها أن تعرفها من دونهم.

زبدة القول، إن ما يجري في العراق وسوريا ولبنان واليمن وما تقوم به قوات الأسد و«الحشد الشعبي» و«حزب الله» وإيران وما يعتزمون فعله في دول مجلس التعاون لا مكان للصدفة فيه وإنما هو نتاج تخطيط دقيق شارك فيه كثيرون من تلك الدول، وإن ما يجري في البحرين والسعودية ودول خليجية أخرى اليوم ليس صدفة ولا ردات فعل ولكنه نتاج تخطيط دقيق تتشارك فيه كل تلك الأطراف.

التعامل مع ما يقوله ويكتبه عبدالحميد دشتي وآخرون على شاكلته على أنه ردة فعل غاضبة نتيجة اتخاذ موقف منهم أو نتيجة صدور أحكام ضدهم خطأ لا ينبغي لدول التعاون أن تقع فيه، فهؤلاء لا يقولون ويفعلون لمثل هذه الأسباب ولكن لأن هذا جزء من مهامهم ودورهم، وإلا كيف أمكن لدشتي أن يكون كل هذه العلاقات مع كل هذه الجهات في فترة قصيرة وإلى الحد الذي يدفع ذلك المعمم إلى مهاتفته وتبادل كل ذلك الحوار معه؟