فور الإعلان عن استشهاد خمسة من المواطنين الإماراتيين المكلفين بتنفيذ المشاريع الإنسانية والتعليمية والتنموية في أفغانستان إثر التفجير الذي حدث مساء الثلاثاء الماضي في مقر محافظ قندهار، قال سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية بثقة وإصرار إن «الأعمال الإرهابية الغادرة لن تنال من عزيمة وإصرار الإمارات في مواصلة زرع الخير وغرس الأمل وبذل العطاء ومد يد العون والمساعدة للشعوب المحتاجة»، فأياً كانت التضحيات فالأكيد هو أن دولة الإمارات - ودول مجلس التعاون الخليجي كافة - لن تتوقف عن مواصلة السير في هذا الدرب، درب الخير والعطاء وبذر الحب، والإسهام في الارتقاء بالإنسان أينما كان. يكفي دليلاً على هذا ما تقوم به الإمارات ودول المجلس من عمل في اليمن الشقيق رغم كل الأذى الذي تناله من مغتصبي السلطة هناك، ورغم كل التضحيات التي قدمتها ولا تزال.

الخبر الذي بثته وكالة أنباء الإمارات وتضمن نعي رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان تلك النخبة من أبناء الإمارات كان دونما شك مؤلماً، لكنه سبب للفخر والاعتزاز، فالشهداء الخمسة كانوا في مهمة إنسانية، والأكيد أنهم كانوا يتوقعون مثل هذه النهاية في كل لحظة بسبب الأوضاع غير المستقرة في أفغانستان.

«كانوا مكلفين بتنفيذ المشاريع الإنسانية والتعليمية والتنموية وقد امتدت إليهم يد الغدر وهم في ميدان العمل الإنساني ويشهد لهم العالم بأنهم لم يكونوا إلا رسلاً للعون والمساعدة لمن يحتاجها»، هذا ملخص ما قاله المسؤولون في دولة الإمارات الشقيقة، وكل مواطن إماراتي، وما قاله المسؤولون بدول مجلس التعاون كافة، وكل مواطن خليجي، وهو قول يحمل في مضمونه معاني الفخر والاعتزاز، وتوج بالإعلان الذي جاء على لسان سمو الشيخ محمد بن زايد عن مواصلة العمل في درب الخير والوفاء وهو ما آلت قيادات دول المجلس على نفسها بنقش بصماتها في سجل الحضارة الإنسانية عبر هذا الدرب.

ليس هذا الحادث ولا غيره يمكن أن ينتج قرارا بتوقف دول مجلس التعاون عن العطاء وخدمة الإنسانية، فالعكس هو الصحيح، فمثل هذه الحوادث والمواقف تكون دائماً سبباً للإصرار على مواصلة هذا الدرب الذي لا يستوحشه أبناء الخليج العربي بل يتنافسون على ارتياده.

مواطنو الإمارات الخمسة الذين أكرمهم الله سبحانه وتعالى بالشهادة لم يترددوا عن الذهاب إلى أفغانستان رغم علمهم بالأحوال الأمنية غير المريحة فيها، تماماً مثلما لم يتردد إخوة لهم من كل دول المجلس ولا يترددون أبداً عن الذهاب إلى أي بلاد - أياً كانت الأحوال الأمنية فيها - ليكونوا سبباً في نثر بذور الخير والمحبة ويسهمون في أداء الرسالة التي اختار قادة التعاون الوفاء بها.

الأعمال الإرهابية لن تنال من عزيمة وإصرار الإمارات ودول مجلس التعاون كافة على مواصلة العطاء في درب الخير، ومهما كانت التضحيات فلن تحيد شعوب التعاون عن هذا الطريق، فالإصرار على السير في هذا الاتجاه يغيظ الإرهابيين ومن اختار معاداة الإنسانية وكره الخير، والتأكيد عليه هزيمة لهم وللإرهاب الذي لا يمكن أن يخيف من اختار طريق الخير وطريق الحق واختار أن يرتقي بالإنسان وبالحياة ويرسم الأمل للآخرين.

كل مواطني دول مجلس التعاون يعبرون عن حزنهم لفقد هذه الكوكبة من الشهداء، لكنهم في الوقت نفسه يعبرون عن فخرهم واعتزازهم بهم وبالدور الذي خسروا حياتهم من أجله وهم يقومون به من دون خوف ولا وجل. رحم الله شهداء الإمارات وشهداء مجلس التعاون كافة وعسى الله أن يمسح على قلوب ذويهم.