يبدو أن القصف الجوي الإسرائيلي على إيران، والذي انتهى بدون ضرر يذكر مثل ما لم تترك الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى أثراً في إسرائيل يعتبر المشهد الأخير قبل إسدال الستارة للعرض المليء بالإثارة الذي تابعناه على مدى أسابيع، وجعل المنطقة كلها في حالة ترقب وقلق ظناً أن الأمور ستؤول إلى ما لا يحمد عقباه.
.
وعلى الرغم من التضخيم الإعلامي لحجم وطبيعة الضربة الانتقامية التي كانت تهدد إسرائيل بشنها رداً على سيل الصواريخ الباليستية الإيرانية التي تلقتها تل أبيب في الأول من أكتوبر، إلا أن الرد الإسرائيلي جاء «ليناً» ويؤكد عدم الرغبة في التصعيد أكثر من ذلك. ويبدو أن الضغوطات التي مورست على الاسرائليين سواء من الولايات المتحدة الأمريكية، أو من دول أخرى قد تكون خليجية جعلت الضربة الإسرائيلية محدودة وشكلية، دون أن تترك أضراراً حقيقية، ودون أن تمس المفاعل النووي الإيراني، أو كل ما له علاقة بتصدير أو توليد الطاقة في إيران. هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل قد حققت أهدافها في غزة ولبنان ومستمرة في مطاردة وتفكيك الميليشيات الإيرانية في سوريا لإبعاد مخالب إيران القديمة عن حدودها؛ مما يجعل من مهاجمة إيران مباشرة أمراً غير مبرر وبدون جدوى حتى وإن تعرضت هي لضربات واعتداءات إيرانية مباشرة.
.
ودول الخليج في موقف لا تحسد عليه حتماً جراء هذا التصادم المباشر، فالجغرافيا تضعها في وسط هذا الصراع لذلك خرجت تصريحات الدول متزنة ورزينة تدين الاعتداء أو ما سمي بالاستهداف العسكري كما تدعو إلى وقف التصعيد وتجنيب المنطقة ويلات الحروب، وهذا أقصى ما يمكنها أن تفعله علناً في هذه المرحلة وهو أن تبعد نفسها عن الصراع كي لا يطالها أي ردة فعل تضر بمصالحها وبأمنها.
.
وإذا صدق التخمين، وأصبحت الضربة الإسرائيلية «الخجولة» هي المشهد الأخير فعلاً للصراع المباشر بين الإسرائيليين والإيرانيين، فإن المفاوضات التي تستضيفها الدوحة حالياً، والتي تأتي بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار قد تشهد تطورات نحو إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس وقبول هدنة مطولة يتم فيها التوصل إلى اتفاق يشمل إعادة إعمار غزة. وعلى الأقل هذا ما يأمله وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي زار المنطقة إحدى عشرة مرة منذ اندلاع الحرب على غزة، والذي يأمل أن يحقق نتيجة إيجابية تنهي الأزمة القائمة قبل أن يغادر منصبه في نهاية هذا العام.