هناك خطأ شائع يقع فيه الكثيرون في العمل الإداري، وفي الحياة الاجتماعية على حد سواء، وهو خطأ كارثي قد يؤثر على حياة المتورطين فيه، لدرجة يمكن وصفه بالجريمة.
.
دعوني أشارككم ما حدث لأحد الزملاء. يقول: جاءني أحد الأشخاص يشكو من زميل له في العمل، ويؤكد لي أن هذا الزميل دائماً ما يسيء معاملته ويتعمد إيذاءه. على مدى سنوات، سرد لي هذا الشخص العديد من الوقائع التي أشعرتني أن زميله شخص ظالم بلا حدود. لم ألتقِ بهذا الشخص يوماً ولا أعرفه، لكنني كرهته بسبب ما سمعته عنه، بل تخيلته وكأنه تجسيد للشر، يتآمر ضد الجميع، وخاصة هذا الشاكي.
.
بل استمر في الحديث السيء عن زميله حتى بعد أن تم ترقيته إلى منصب قيادي، مدعياً أنه حصل على هذا المنصب دون استحقاق. ظللت أؤمن بهذه الفكرة لسنوات، دون أن أبحث أو أتأكد من صحتها. للأسف، لم أكن أستمع إلا لطرف واحد، حتى جاءني خبر وفاة هذا الرجل، لتنهال علي رسائل من الزملاء تصفه كيف كان كريماً، عطوفاً، ومحباً للموظفين ولعمله. اتضح لي لاحقاً أنه كان من أكثر المسؤولين دعماً للموظفين، ولم يكن كما صوره لي زميلي.
.
شعرت بالصدمة، لكني لم ألقِ اللوم على الشاكي، بل على نفسي؛ لأنني لم أبحث عن الحقيقة من مصادر أخرى، ولم أتحرّ الدقة والعدل.
.
للأسف، يقع الكثيرون في هذا الخطأ، وتزداد خطورته عندما يصدر عن مسؤول إداري. فالاعتماد على طرف واحد في تقييم الأوضاع قد يقود إلى قرارات جائرة تؤثر على حياة الموظفين ومصير المؤسسة نفسها.
.
إن أحد أهم أسباب خسائر المؤسسات هو اتخاذ القرار بناءً على رأي واحد فقط، دون الاستماع إلى بقية الآراء. أذكر أنني تعاملت مع مسؤول كان لا يتخذ أي قرار دون استشارة جميع الموظفين، من أصغرهم إلى أكبرهم. كان يقول لي دائماً: «قد تجد الحلول الكبيرة في آراء البسطاء، فلا تستخف بأحد واستمع للجميع لترى الصورة بوضوح».
.
المشكلة أن بعض الإدارات تضم العديد من المستشارين، لكن الكثير منهم لا يجيد سوى تبرير آراء المسؤول وتعزيزها، حتى يعتقد المسؤول أنه لا يخطئ، ويعتبر أي رأي معارض عداوة. هذا يؤدي إلى تضييق دائرة الثقة، وبقاء المنافقين في مناصبهم، بينما يتم إبعاد الأصوات الصادقة.
.
نصيحتي لكل مسؤول: خصص يوماً في الأسبوع لتجنب المنافقين، وافتح مكتبك للموظفين البسطاء. اقترب منهم، استمع إليهم، وأشعرهم بالأمان. حينها، ستكتشف الكثير من الحقائق التي لا تصل إليك من الطبقات العليا، وسترى الفرق في أداء إدارتك.
.
* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية