- نخشى في يوم من الأيام أن تتحوّل حياتنا إلى منظومة إجراءات فلسفية مُعقدة نتحدث فيها عن أسباب ضياع «الإبرة» الصغيرة في محيط إنجازاتنا، ونتناسى معها «الميدان العملي» ومَواطن الإنجاز وسرعة اتخاذ القرار والهوية الأصيلة. نتحدّث عن ذلك في ظل انغماس البعض بمثل هذه المنظومات التي أضحت في كثير من المجالات مجرّد كلمات فضفاضة تعرض للعيان، وفي واقعها خواء انعدمت فيه ملامح الإنجاز والعطاء. إن الشرود الذهني لتلك الفلسفات العقيمة يعطل بلا ريب ركب النجاح والإنجاز، وبخاصة إذا صاحبها يتردّد في التنفيذ بلا مُبرّر، ويهتم بالجزئيات الصغيرة على حساب الكلّيات. كلّها أسباب تسير جنباً إلى جنب مع المنظومة الفلسفية التي قد تستمر طويلاً من أجل رسم صور مُبهمة لا هوية لها. نحتاج إلى اندماج فعلي للإجراءات والأسلوب الإداري المتبع مع التنفيذ الفعلي للأفكار من أجل تحقيق الإنجاز الحقيقي في جميع ملامح الحياة.
.
- كثيراً ما نردّد عبارة «الأيام تمضي بسرعة» وسرعة مُخيفة للغاية. لدرجة أننا نحسّ أحياناً أن بعض المواقف كانت عبارة عن «حلم» سريع مضى في منام البارحة، ولكن سرعان ما نكتشف أنها كانت مواقف واقعية مرّت علينا وكأنها بالأمس! علينا أن نتعايش مع هذه الملامح الخاطفة من الحياة، ونتعايش مع منظور «سرعة الأيام» لأنها من علامات الساعة. قال تعالى: (الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان، وما يُدريك لعل الساعة قريب).
.
قريب من أعيننا ولكننا في غفلة عن علاماتها البيّنة. يقول الشاعر:وكنا قريباً والديار بعيدة فلما وصلنا نصب أعينهم غبناالتعايش المطلوب هو القرب الحقيقي من المولى الكريم والانشغال بميدان الطاعات والعطاء والأثر المستمر في الحياة. نغيب عن ميدان الصلاة والذكر وتلاوة القرآن وساعات العطاء ومشروعات الإنجاز، وبعد ذلك نكتشف أن ملامح العطاءات في صحائفنا «خاوية» مجرّد أصفار لا تُذكر نعوذ بالله من ذلك. لذا فكل واحد منا عليه أن يراجع حساباته في زمن «السرعة» ففي ساعة الرحيل لن تنفع لحظات الندم، حينها سيُطوى سجلّ الأعمال. نعم سرعة الأيام مُخيفة، ولكن بأيدينا أن نكون أو لا نكون، بالأثر الذي نتركه وسيبقى بإذن الله تعالى.
.
- لديّ طموح حقيقي أتمنّى أن أجد له المسار السليم للتنفيذ، وأن يتحقّق كما تحققق غيره من الأحلام والطموحات، وقد شاركني الفكرة أحد القادة الذين أعتز بهم وبعطائهم وفكرهم في الحياة برسالة أرسلها لي يتمنّى تحقيق هذه الفكرة بعد أن شاهد حوار «البودكاست» مع إحدى الشخصيات. طموحي بأن أساهم في تأريخ عطاء وقصص نجاح العديد من الشخصيات بأسلوب من «القلب إلى القلب» وبخاصة أولئك الذين لم تسعفهم الظروف ليكونوا عناصر مشهورة في المجتمع، ومازالوا يتنفسون معاني الحياة. نحن بحاجة إلى تأطير هذه الإنجازات وقصص النجاح، ونحتاج إلى من يساندنا لنبرز المشروع إلى السطح، ليكون مرجعية مُثلى للشباب الذين يحتاجون لسماع مثل هذه السير، والاستفادة من كدّهم وتعبهم وإنجازهم الفريد. في عصر «التوصل الاجتماعي والإلكتروني» غابت عنا هذه المعاني، وغابت بعض المعاني الجميلة التي كنا نستثمر فيها كل ساعة للعطاء والعمل. إنه «عطاء الحياة» الذي يجعلك تخلُد إلى سريرك وأنت راضٍ عن جولتك الإنسانية المكوكية في مسير الحياة. يحق لنا أن نحلم ونحقّق الطموح.
.
- العديد من الدراسات أثبتت أن ما يُعكر صفو حياة الإنسان ومزاجه هو تأثير العلاقات على حياته. فمن يتمتع بصحة نفسية وجسدية وعلو في التفكير والإنجاز، هم من نجحوا في علاقاتهم الاجتماعية الصحيحة والتي أثرت إيجاباً على حجم تعاملهم مع الحياة، وأصبحوا أكثر تأثيراً وإقناعاً، فهي علاقات ناجحة بُنيت على الحُب والتراحم والتعاطف والتفاهم، وكان اختيار صاحبها لعدد المؤثرين في حياته اختياراً حكيماً قائماً على مدى اعتزازه بالعيش بسلام معهم في الحياة، والتفنن فيها بتقديم أساليب الخير. أما العلاقات المُدمّرة أو المسمومة التي يعيشها البعض في أي ميدان من الميادين، فهي تؤثر سلباً على مزاجه الحياتي، وتُضعف شغف العطاء، وتزعزع خطواته التي اعتاد أن يُعطي فيها ويترك أثره. من هنا فإن اتخاذ القرار الحاسم في التخلّص من مثل هذه العلاقات بأي أسلوب كان هو القرار الأمثل من أجل الحفاظ على السلام الداخلي، والحفاظ على أولويات الحياة وملامحها المُنتجة، لذا وجب التغيير حالاً من أجل نتاج الأثر الجميل.
.
- جميلة هي مُبادرات الأثر الجميل والوفاء التي تحظى بها من مُحبّيك في مختلف مناسباتك الحياتية، وبخاصة في فترة تعتز بها كثيراً لأنها تمثل لك قمة العطاء، والميلاد الجديد في الحياة. لفتة جميلة من أهلك ومُحبّيك، برسالة وهدية تخفّف عنك تعب الأيام. شكراً لكل من كنت في حياته ومضة خاصة مازال يتذكرها، وشكراً لكل من كتب «الحُب» على ورقة صغيرة وبعثها «بُحب».
.
ومضة أمل
ستبقى ملامحنا بائنة بأثرها الجميل وإن اختلفت ميادين العطاء.