في هذا الوقت من العام تتنافس أغلب دور الأزياء الراقية، على مستوى العالم في عرض أحدث خطوط الموضة لموسم صيف 25، لا أسمي نفسي من المتابعين المتعطشين المنتظرين على أبواب هذه الماركات في محاولة اختلاس نظرة على إبداع يفوق قدراتي العقلية في بعض الأحيان، لكن وبالصدفة ليس إلا، استفزني عرض لأحد دور الأزياء الفرنسية ذات الصيت اللامع على مستوى العالم، عرض أقل ما يمكن أن أصفه أنه عرض الصرعات الفضائية، تصاميم تتسم بالفوضى أطلقُوا عليها لقب موضة وعبقرية وإبداع خارج عن المألوف.
أقل ما يمكن أن أقوله عنها إنها خربشات عشوائية على ورقة بيضاء، عرض خُصص للملابس الرجالية لم نرَ من الرجولة فيه إلا العبارات، فلا أنت تعرف من الرجل من المرأة، بل تفنن المصمم في تحوير الملابس لتتناسب حقيبة اليد النسائية مع طلة رجالية خجولة بين الزهور، واضح أنها لم تكن إلا نوايا ليست بالخفية ورسائل واضحة مباشرة تحاول تعزيز مبدأ واحد ألا وهو أنه لم يعد هناك فرق بين الناس، وإننا نصنف بشراً فقط وليس ذكراً وأنثى.
في العادة يحمل العرض سمة، فتعرف الفئة المستهدفة منه، إلا أن هذا العرض جاء مستفزاً، فقد تم حلق شعر رأس جميع العارضين بشكل لا يجعلك تميز بين ذكر وأنثى، وتشابهت الملابس فلا تعود تعرف لمن تم تصميمها، أفكار ورسائل سوداوية تم وضعها في طرد بريدي جميل مزخرف معنون باسم الماركة العالمية، لتغزو مع الأيام خزائن الكثيرين الباحثين عن ذواتهم في محلات الماركات، الغريب أننا ونحن أحق من غيرنا بعقلنا، سلمناه لهم، بل، وأسكتنا أصواتنا الداخلية، التي تعبت وهي تصرخ من بشاعة المنظر، وأقنعناها أن وراء هذه البشاعة عقول مبدعة مبتكرة، وأننا إن عبرنا عما تراه أعيننا من فوضى سنكون متخلفين وغير قادرين على رؤية الإبداع والابتكار وراء خط الموضة ذي الأهداف الخفية.
الخلاصة: جميل أن يبحث الإنسان عن التميز، جميل أن يسعى لاقتناء المنتجات ذات القيمة والجودة والتصميم المتفرد، لكن هذا لا يعني أن كل ما يتم عرضه خلف الواجهات الزجاجية للماركات العالمية صالح للاقتناء، علينا ألا ننكر أن خلف العديد والعديد من هذه الشركات، أشخاص يحاولون تعزيز أفكار ذات اتجاهات غير سوية، ويستخدمون الموضة بوابة لها، كن حذراً وأكثر وعياً وابحث عن التميز في المكان الصحيح.