تحدث زملاء أفاضل كثيرون عن كلمة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر، حفظه الله ورعاه، التي ألقاها في الدورة التاسعة والسبعين لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، نيابةً عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، إلا أن الكلمة مازالت تفيض بكثير من الدروس والعبر التي تحتاج لمزيد من تسليط الضوء عليها.
فلقد عمد سموه حفظه الله لتذكير الحضور بما حذر منه قبل 19 عاماً من تحديات ملحة واجهت العالم في ذاك الوقت، مثل الفقر والمجاعة والأمراض المعدية الفتاكة والحروب الأهلية وأسلحة الدمار الشامل، وها نحن بعد هذه السنوات نرى تحذير سموه متحققاً في الواقع العالمي وكأنه كان يقرأ المستقبل حينها.
فقبل سنوات قليلة واجه العالم فيروس كورونا، وانتشرت أيضاً مساحات الفقر والمجاعة على الكرة الأرضية، واشتعلت الحروب الأهلية في دول متعددة الأعراق والتوجهات، ثم برزت أسلحة الدمار الشامل اليوم، وبات الحديث عن استخدامها في أقرب وقت ممكن سواء في النزاع الروسي الأوكراني، أو ما يشهده شعب فلسطين من إبادة جماعية ودمار شامل ومتعمد للبنية التحتية.
كذلك لامس سموه جرح العالم المتمثل في عدم الاستقرار، والذي كان من المفترض أن توفره الأمم المتحدة، وكأنه يلوم العالم كله في عدم الالتزام بتطبيق القوانين الدولية لتحقيق مصالح بعض الدول على حساب البعض الآخر.
وهنا أود التنويه إلى أن البحرين لم يكن لديها مشكلة قد جاءت لتعرضها في هذا المجلس، وتستجدي المساعدة في حلها، ولكنها الدولة التي أعلن قائدها عن فخره واعتزازه بما حققته على صعيد التنمية البشرية والبنية التحتية، وهو ما أكد عليه سموه بشأن دعم البحرين للنموذج المفترض أن يطبق عالمياً، بشأن التعددية والتنوع الثقافي، وكأنه يدعو العالم لأخذ النموذج البحريني وتطبيقه، كي تنعم البشرية بالأمان والعدالة والاستقرار.
لقد شدد سموه حفظه الله أيضاً على أمر واقعي لا ينظر إليه معظم قادة الدول العظمى، وهو أن المشكلات التي تحدث على طرف العالم، سيكون لها تأثير ملموس على أقصى الطرف الآخر، ولا يمكن لدولة أن تنفرد بالاستقرار بعيداً عن باقي دول العالم، ولكي يحدث ازدهار لأي بقعة في العالم، لابد وأن يكون نتيجة ازدهار مشترك لعدة دول، وقد دعا سموه لبذل جهد عالمي موحد في كافة القضايا.
لا ريب أننا اليوم في البحرين نمثل قلباً نابضاً لبذرة الأمل التي يحتاجها البشر، وسط هذه الصراعات العنيفة والدامية، فمن ينظر للبحرين من خلال كلمة سمو الأمير سلمان، سيعلم أننا ربما نكون جزيرة الأمل لهذا العالم، ففيما تحتضن البحرين العديد من الأعراق والأديان، يستطيع الجميع العيش باستقرار وازدهار، ويعلم كل فرد فيها أن حقه مصون، وأن العدالة هي الضمان، وأن الكل سواسية فلا مصالح لأفراد دون أفراد.