تابعنا على مدى أيام كيف تناولت الصحف وكتابها بإسهاب كلمة مملكة البحرين التي ألقاها نيابة عن جلالة الملك المعظم، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين في نيويورك الأسبوع الماضي؛ نظراً لتوقيتها الحساس وأهمية ما حملته من مضامين حضارية وإنسانية.
فالكلمة جاءت في وقت تشتعل فيه الصراعات، وتتفاقم فيه الأزمات، وتضعف فيه الهيئات والمنظمات التي كان يعول عليها حماية المكتسبات البشرية والدفاع عنها.
والاهتمام الكبير الذي طال الكلمة جاء أيضاً؛ نظراً لشموليتها وتعدد مواضيعها التي تناولت الشأن البحريني المحلي بالإضافة إلى الشأنين الإقليمي والعالمي، وطرحتهم بصراحة وبدون مجاملة.
وهي كلمة لمن يتمعن فيها يجدها تطرح التحديات والحلول في آن واحد.
فهي مثلاً تؤكد تراجع المنظمات الدولية عن القيام بدورها المنوط بها، وتقترح المضي في إصلاح الأمم المتحدة لضمان انعكاسها للحقائق الجيوسياسية الحالية. كما أنها تستفيد من الحضور العالمي لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بذكاء لتبرز جوانب من المسيرة البحرينية التنموية الشاملة، والتي وضعت المواطن محوراً أساسياً لها وتذكر ما قامت به البحرين من اهتمام شمل الإسكان والرعاية الصحية والتعليم وتوفير فرص العمل والسعي لتحقيق الازدهار.
وفي المحور العربي والإسلامي أكدت موقف البحرين الداعي لتبني مسار موثوق لا رجعة فيه لقيام دولة فلسطينية مستقلة فوراً ودون تسويف بعد أن سلطت الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني الذي ذكرت أنه يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة.
محتوى الكلمة جاء مدروساً ومحكماً، ويراعي مصالح البحرين وطموحاتها، ويظهر ريادتها في تبني قيم ومبادئ التعايش السلمي بين الشعوب وموقفها من الصراعات التي تعصف بالعالم سواء ما يحصل في غزة أو الحرب بين روسيا وأوكرانيا وكذلك رأيها في الأمم المتحدة وما آلت إليه أوضاعها والتي مما لاشك فيه تتحمل مسؤولية كبيرة في استمرار النزاعات الدموية عالمياً.
لكن الأهم من كل ذلك هو كيفية إيصال الكلمة للمتلقي وهو أمر برع فيه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، فجعل المتواجدين في القاعة، وخلف الشاشات يتابعون ما يقوله بإعجاب وتركيز.
فسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ذو قدرات لغوية فائقة، ومن أبرز القياديين العرب في الحديث أمام الجمهور باللغة الإنجليزية التي يتقنها ويتحدثها بطلاقة تامة وبأسلوب فخم وجذاب يلفت الانتباه؛ مما يجعل خطاباته مميزة جداً.
وعندما يتحدث سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في المحافل الكبرى وأمام وفود الدول الأخرى بهذا المستوى الرفيع والمتقن والمؤثر يجعلنا نفخر ونعتز كثيراً بقدرات سموه العالية في التواصل مع الجمهور و بالكاريزما الساحرة التي يتحلى بها والتي تخطف الأنظار حتماً.