لم تقتصر كلمة مملكة البحرين في الدورة التاسعة والسبعين للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة الّتي ألقاها نيابة عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه اللّه ورعاه، صاحب السموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه اللّه، على عرض موقف البحرين الدبلوماسيّ فقط؛ بل أكّدت أيضاً على الدور القياديّ والمحوريّ للمملكة كمؤثّر رئيس على الساحة العالميّة، وأبرزت نهجها المتّزن والعادل المناصر للسلام والإنسانيّة؛ ما يدلّ على حرص القيادة البحرينيّة المستمرّ لتعزيز الاستقرار والحوار والعمل الجماعيّ في عالم يزداد انقساماً بسبب التوتّرات الجيوسياسيّة والتحدّيات المعقّدة.
إنّ مضامين كلمة البحرين الّتي ألقاها سموّ وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه اللّه، والّتي ركّزت على القضايا الملحّة أبرزها إصلاح الأمم المتّحدة وتطوير آليّات التعاون الدوليّ؛ لتعكس الرؤية الحكيمة لجلالة الملك المعظم حول ضرورة تحقيق التوازن بين المصالح الوطنيّة والدوليّة، والّذي طالما دأب جلالته، أيّده اللّه، على جعل البحرين شريكاً عالميّاً في صياغة مستقبل يعزّز السلام والاستقرار. دعوة البحرين إلى إصلاح شامل لمنظومة الأمم المتّحدة لتكون أكثر قدرة على تحقيق أهدافها الأساسيّة، بما في ذلك حفظ الأمن والسلام العالميّين؛ هذا الطرح يعكس مدى وعي قيادة البحرين بضرورة التكيّف مع التحوّلات العالميّة والقيام بدور رائد في إعادة تشكيل نظام عالميّ أكثر شمولاً وتمثيلاً، ويعكس الواقع الجيوسياسيّ الحاليّ؛ ممّا يضع مملكة البحرين في طليعة دول العالم الّتي تدعو إلى العدالة والتوازن في الحوكمة الدوليّة، ويعزّز من دورها كمؤثّر عالميّ مُكرّس لتحقيق العدالة لجميع دول العالم بغضّ النظر عن حجمها أو قوّتها.
كما أكّدت الكلمة على موقف البحرين الثابت والراسخ في دعم قضايا الشعوب المضطهدة، وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة، حيث طالبت بالوقف الفوريّ لإطلاق النار في غزّة وتبنّي مسار لا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة؛ هذا الموقف يعكس التزام البحرين بالعدالة وحقوق الإنسان، ويعزّز صورتها كدولة تسعى لنشر السلام في مناطق العالم الّتي تشهد توتّرات، وتعاني من الصراعات والانقسامات تتحمّل نتائجها البشريّة والأجيال القادمة.
إن دعوة البحرين إلى نشر قيم التعايش والتسامح بين الشعوب؛ تعزّز مكانتها كمنارة للسلام في منطقة الشرق الأوسط. فمن خلال إبراز جائزة الملك حمد للتعايش السلميّ، إلى جانب الدعوة إلى عقد مؤتمر دوليّ للسلام في الشرق الأوسط؛ تؤكّد البحرين على رسالة سامية مفادها أنّ الحوار والتوافق هما السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار الدائم.
كذلك تأتي الدعوة إلى تبنّي معاهدة دوليّة لتنظيم وحوكمة تطوير الذكاء الاصطناعيّ، في إطار رؤية البحرين المستنيرة تجاه توظيف التكنولوجيا لتحقيق التنمية والسلام بدلاً من تفاقم النزاعات. إنّها دعوة لتعزيز التعاون الدوليّ في مجال التقنيّات الناشئة، بما يسهم في تحقيق مستقبل مستدام للبشريّة جمعاء.
تتجلّى جهود القيادة الرشيدة في إبراز صورة البحرين كمؤثّر عالميّ في كلّ عمل دبلوماسيّ تقوم به المملكة. وسواء من خلال دعواتها لإصلاح الأمم المتّحدة، أو موقفها الاستباقيّ من الذكاء الاصطناعيّ، أو دعمها الثابت للسلام في الشرق الأوسط، فإنّ البحرين تعمل بنشاط على تشكيل الخطاب العالميّ المتزن. إنّ رؤية جلالة الملك المعظم تتجاوز مجرّد تأمين مكان البحرين على الطاولة الدوليّة؛ فهي تسعى إلى ضمان أن تكون البحرين صوتاً للعدالة والسلام، وشريكاً عالميّاً لتحقيق التقدّم والازدهار لشعوب العالم والبشريّة جمعاء.