البعض يقول «لماذا أقاطع؟ أنا لا أحتاج إلى مقاطعة السلع والعلامات التجارية لكي نبين دعمنا للفلسطينيين، نحن ندعمهم سياسياً ومادياً!»، هذا حديث نسمعه كثيراً من البعض. هؤلاء تجدهم يشطحون في كثير من الأحيان ليتحدثوا بلسان رسمي، وتجد حديثهم دائماً «نحن -إحنا- حكومتنا - قيادتنا»، وكأنهم الناطقون باسم الجهات الرسمية. -لحظة يا كابتن-! من أنت؟ هل تعرف الموقف العام للمجتمع؟ هل تعرف الموقف الرسمي؟ لا أعتقد.

فكرة ومفهوم المقاطعة يبدو أنهما لم يصلا إلى أذهان هؤلاء أبداً. المقاطعة ليست مجرد وسيلة لتوجيه الدعم المالي من شركات عالمية أو علامات تجارية كبرى نحو الفلسطينيين أو المقاومين. نعم، الدعم المالي لأشقائنا الفلسطينيين واجب علينا، خاصة لأننا عاجزون عن نصرتهم في الكثير من المواقف الميدانية، ولكن المقاطعة لها بعد أعمق وأوسع.

المقاطعة هي وسيلة تعبر عن موقفنا الأخلاقي والسياسي، وهي رسالة واضحة لكل من يدعم الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه الاستعماري التوسعي. نحن لسنا معكم. قراركم بالوقوف إلى جانب الاحتلال هو رسالة واضحة بأنكم تقفون ضد الشعب الفلسطيني، وضد العرب، وضد المسلمين. ونحن، بوعينا وبكرامتنا، نقول، لا يهمنا مشاعركم أو رأيكم فيما نفعل، فنحن أحرار بأموالنا واختياراتنا.

فهل نرضى بهذا؟ إذا كانت لدينا كرامة، كيف يمكننا قبول الوقوف على الحياد؟ حتى إن لم يكن للدين اعتبار عند البعض، ألا يكفي أن يكون الدم العربي هو الرابط؟ كيف يمكن أن نقول «لا شأن لنا»، ونحن الشأن نفسه؟ أليست فكرة الاحتلال والاستعمار قائمة بالأساس على عنصرية موجهة ضدنا؟ نحن جزء من تلك المعادلة، سواء أردنا الاعتراف بذلك أم لا، فنحن ضمن قائمة الشعوب المستهدفة من الاحتلال العالمي.

المقاطعة ليست سلاحاً اقتصادياً في المقام الأول، والهدف منها ليس تدمير أو إفشال تلك الكيانات الاقتصادية الكبرى. قد يكون ذلك ممكناً، لكنه ليس الهدف الأساسي. الفكرة الأساسية من المقاطعة هي إثبات موقفنا، أن نوضح للعالم أين نقف. أن نقول بوضوح، «نحن لسنا عبيداً للعلامات التجارية أو للسلع الاستهلاكية التي تغذي الاحتلال وتدعمه».

المقاطعة هي إعلان عن حريتنا في اختيار أين نضع أموالنا، ومع من نقف. فلا يمكن أن نقبل بأن نكون جزءاً من مشروع القتل الممنهج، ولا يمكن أن يكون لأموالنا دور في دعم جيش الاحتلال بأي طريقة. يمكن أن نكذب على أنفسنا وعلى أطفالنا بأن هذه السلع لا تدعم الاحتلال، ولكن كيف سنكذب على الله؟! أو على كل هذه الأرواح التي زهقت ولم تجد من ينصرها ولو بكلمة. نعم، أنت (حر) فيما تفعل، ولكن إن بُليت فاستتر.