في خطوة طالب بها الكثير من المتخصصين والنواب وحتى عامة الشعب أعلن الجهاز الوطني للإيرادات تطبيق الضريبة على الشركات متعددة الجنسيات العاملة في مملكة البحرين، والتي تتجاوز إيراداتها السنوية العالمية 750 مليون يورو اعتباراً من الأول من يناير 2025، وذلك بدفع معدل ضريبي لا يقل عن 15% على الأرباح في كل دولة تعمل فيها، ومن المفترض أن تتضمن الشركات المشمولة بالضريبة، مجموعة واسعة من القطاعات، مثل: التكنولوجيا، وصناعة الأدوية، والطاقة، والخدمات المالية.
ويستهدف القانون الشركات الكبرى التي تملك قدرة مالية كبيرة على المساهمة في الاقتصاد المحلي عبر دفع الضرائب، كما تهدف إلى تعزيز العدالة الضريبية وضمان أن تدفع الشركات متعددة الجنسيات حصة عادلة من الضرائب، خاصةً أن هذه الشركات غالباً ما تستفيد من الأنظمة الضريبية المواتية في بعض الدول. من خلال هذه الضريبة، تسعى البحرين إلى تحقيق توازن أكبر في النظام الضريبي، مما يساعد في تعزيز الإيرادات الحكومية حيث من المتوقع أن تسهم الضريبة في زيادة الإيرادات، مما يساعد الحكومة في تمويل المشاريع التنموية والخدمات العامة.
ويأتي هذا القانون في إطار التزام البحرين بالمعايير الدولية لمكافحة التهرب الضريبي وتعزيز الشفافية وتحسين البيئة الاستثمارية من خلال تطبيق نظام ضريبي عادل، يمكن تحسين مناخ الاستثمار وجذب المزيد من الشركات التي تبحث عن بيئة تجارية مستقرة.
تتزايد الضغوط الدولية على الشركات الكبرى لدفع ضرائب عادلة، حيث تسعى الدول إلى حماية اقتصاداتها وتعزيز الإيرادات الحكومية، ومملكة البحرين ليست الأولى في تطبيق هذه الضريبة فهناك دول الخليج وعدة دول ومنظمات دولية تطبق أو تخطط لتطبيق ضريبة مشابهة على الشركات متعددة الجنسيات. من أبرز هذه الدول الاتحاد الأوروبي حيث يسعى الاتحاد الأوروبي إلى فرض قوانين ضريبية موحدة تعزز الشفافية، وتحد من التهرب الضريبي. بعض الدول الأعضاء بدأت بالفعل في تطبيق ضرائب إضافية على الشركات الكبرى، وأقرت الولايات المتحدة قانوناً يفرض حداً أدنى للضرائب على الشركات الكبيرة، ما يُعرف باسم «قانون تخفيض الضرائب والوظائف» (Tax Cuts and Jobs Act) الذي يتضمن بنوداً تعزز من التزام الشركات بدفع ضرائب عادلة، وتعتزم كندا تطبيق ضريبة على الشركات متعددة الجنسيات التي تحقق أرباحاً ضخمة، بما يتماشى مع الجهود الدولية لمكافحة التهرب الضريبي.
وتوصلت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى اتفاق «تاريخي»، في يونيو 2021 بشأن فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات، كما اتفقوا من حيث المبدأ على حد أدنى عالمي لمعدل الضريبة على الشركات بنسبة 15%، لتجنب تقليل البلدان للضريبة لمنافسة بعضها البعض على جذب الشركات.
وكانت الشركات متعددة الجنسيات تستغل الفجوات وأوجه عدم التطابق في النظام الضريبي الدولي، من خلال التقنية التي تُعرف بـ«تحويل الأرباح». ويشمل ذلك التخصيص المصطنع للمبيعات المشتقة من بلد ما إلى بلد آخر يطبق ضرائب أقل، وتقدر كلفة الاستغلال الضريبي من قِبل الشركات متعددة الجنسيات والأفراد الأثرياء حول العالم بـ437 مليار دولار سنوياً من الإيرادات المفقودة، وهذا ما ستعالجه بقوة الضريبة المفروضة التي ستعزز إيرادات الميزانية العامة والنمو المستدام.