العلاقات الألمانية الإيرانية لا تسير بشكل طبيعي هذه الأيام، حيث إن التوترات متصاعدة بين الطرفين، وكان آخرها حادثة إغلاق السلطات الألمانية لمركز إسلامي إيراني في هامبورغ، واستدعاء وزارة الخارجية الإيرانية للسفير الألماني على خلفية هذه الحادثة.
السلطات الألمانية وجهت عدة تهم للمركز الإسلامي الإيراني، منها: دعمه «حزب الله» اللبناني، واتهامه بالتطرف المخالف للدستور الألماني، وترويجه للأيديولوجية الشمولية المتطرفة، وسعيه إلى حدوث ثورة في ألمانيا، من شأنها أن تؤدي إلى نظام حكم ديني، وصلة رئيس المركز المباشرة بالمرشد الأعلى الإيراني .
تلك تهم ثقيلة بالفعل، ضد ذلك المركز الذي يعد ربما الأقدم في ألمانيا، والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى 1954، وله 45 فرعاً تابعاً له في مناطق مختلفة من ألمانيا، تعرضت جميعها للمداهمات من قبل السلطات الألمانية، وهو ما أثار استياء النظام الإيراني، حيث استدعت وزارة الخارجية السفير الألماني في طهران، واعتبرت أن ما حدث «يتعارض مع المبادئ الأساس لحقوق الإنسان». وقالت وأقتبس: « «للأسف ما حدث في ألمانيا اليوم مثال واضح على الإسلاموفوبيا، وتحدٍ لتعاليم الديانات الإبراهيمية». انتهى.
وعلى ما يبدو أن التوترات الإيرانية الألمانية مستمرة، ولم تهدأ منذ حادثة مهسا أميني، ودعم ألمانيا لاحتجاجات الشعب بعد هذه الحادثة، وأيضاً تصعيد ألمانيا ضد إيران بعد هجوم مسيراتها على إسرائيل في أبريل الماضي، في المقابل فإن إيران كان لها مواقف ضد ألمانيا أيضاً، منها القبض على 3 مواطنين ألمان من أصول إيرانية، خلال العامين الماضيين، بتهم تتعلق بالتجسس، وتزعم جماعة إرهابية والدعاية ضد النظام، وحكمت محاكمها على أحد الثلاثة بالإعدام وهو جمشيد شارمهد.
لذلك أعتقد أن البلدين مستمران في تصعيدهما ضد بعضهما البعض، ولا يوجد بوادر آنية لحل الخلاف القائم بينهما، والتهم «جاهزة» لكلا الطرفين، ولا ينقصها سوى إيجاد الأشخاص أو الجهات التي ستوجه إليهم تلك التهم، وأعتقد أن هذا التعامل الألماني -والأوروبي عموماً- جاء تحديداً بعد التجرؤ الإيراني على إسرائيل، الذي على ما يبدو أفقد إيران كل الدعم الذي كان تحظى به من أوروبا، خاصة ما يتعلق ببرنامج إيران النووي، الذي دعمته أوروبا كثيراً، خاصة ألمانيا.
أظن أن هناك تحولاً كبيراً في العلاقات الأوروبية الإيرانية لا يصب في صالح الأخيرة، وعلى ما يبدو أن الدول الأوروبية ستعيد مراجعة علاقاتها مع إيران، بضغط من إسرائيل، فهناك ربما سيناريو جديد مقبل يحمل المزيد من التصعيد الأوروبي على إيران، ولعل ألمانيا قد بدأت في ذلك، وهو ما يضع النظام الإيراني تحت ضغط جديد من دول كانت تدعمها كثيراً في وقت سابق.