الجميع يترقب ما هي «أفضل طريقة ممكنة» لانتقام إيران من إسرائيل بعد حادثة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» إسماعيل هنية في طهران، وهو ما أعلنه نائب رئيس الحرس الثوري على فدوي في تصريح صحفي، أكد خلاله توجه إيران لتنفيذ أوامر مرشدها الأعلى بـ«الانتقام» لمقتل هنية، وهي الحادثة التي لم تعلن إسرائيل أو تنفي مسؤوليتها عنها.

هناك تخوف من أن يؤدي تصعيد إيران وتكرارها الدائم لتفعيل رغبة الانتقام من إسرائيل إلى أن تقوم هذه الأخيرة بأعمال غير مسؤولة، وإرهاب متعمد يذهب ضحيته المزيد من أهالي غزة، وهو تصعيد قد يؤدي أيضاً لتدهور الأوضاع في الشرق الأوسط، من حيث توسيع دائرة الحرب لتخرج من غزة إلى المنطقة، وهو تخوف أعلنه صراحة المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي جون كيربي رداً على تصريح فدوي، وتأكيده على أن الولايات المتحدة تأخذ تصريح فدوي على «محمل الجد».

واشنطن ترجمت بالفعل جديتها في التزامها بالدفاع عن أمن إسرائيل، وذلك عندما أعلنت الخارجية الأمريكية قبل أيام عن تقديمها مبلغ 3.5 مليار دولار لإسرائيل، لإنفاقها على الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية، وقد ذكرت شبكة CNN أن هذا المبلغ يأتي في إطار مشروع قانون تمويل إضافي بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل، أقره الكونغرس في أبريل الماضي.

إذن، الولايات المتحدة «فعّلت» جديتها في الدفاع عن إسرائيل، وإيران أعلنت رغبتها في الانتقام لمقتل هنية، وإسرائيل تستعد وتترقب «الفعل الإيراني»، الذي عندما يُنفذ فهناك عدة سيناريوهات محتمل وقوعها، لا تصب طبعاً في صالح غزة ولا المنطقة، حيث إن أهالي غزة سيتعرضون لمزيد من الهجوم الإسرائيلي، كردة فعل انتقامية على الهجوم الإيراني، وقد تتعرض إيران هي الأخرى لقصف إسرائيلي رداً على هجوم الأولى عليها، وهنا سوف تتسع دائرة الصراع التي قد تشتعل في المنطقة.

أعتقد أن هناك أطرافاً مستفيدة من توسع دائرة الصراع ونقلها من غزة إلى المنطقة، وهي: ميليشيات إيران التي استغلت حادثة اغتيال هنية لتأجيج المنطقة، وهي رغبة قديمة لا تخفى عن الجميع، ثم الولايات المتحدة التي من مصلحتها أن تسوق وتبيع المزيد من معداتها العسكرية، ومستشاريها الذي «سيسعون» بالتأكيد لتخفيف حدة التوترات في المنطقة، وأخيراً أرى أن إسرائيل مستفيدة هي الأخرى، من حيث التوغل أكثر في غزة وضرب أهداف ستدعي أنها تستهدف حماس أو حزب الله اللبناني.

إن الدول العربية مطالبة بوقف أي تأجيج قادم ومحتمل في المنطقة، والذي لا يخدم الجهود الرامية إلى التوسط لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة المستمرة منذ عشرة شهور، وأن أي صراع أو فتح جبهات جديدة، لن يكون في صالح أهالي غزة الذين هم أول المتضررين من أي عطل أو خلل يضرب تلك الجهود المذكورة.