العنصرية والتحيز العرقي والديني لم يعودا مقتصرين على الصراع الفلسطيني فحسب، بل تجاوزا ذلك ليشمل كل بصمة عربية أو إسلامية، حتى في الساحات الرياضية. في أولمبياد باريس 2024، التي يمكن أن تُسمى «أولمبياد إيمان خليف»، تحولت البطلة الجزائرية إلى هدف لحملة إعلامية وسياسية غربية، لتكشف مرة أخرى عن النفاق الغربي. بعد عملية السابع من أكتوبر، تعرض الفلسطينيون لحملة واسعة من الاتهامات من قبل الإعلام والساسة الغربيين، حيث تم تحميلهم مسؤولية تصعيد الصراع. وبالمثل، عندما واجهت البطلة الجزائرية إيمان خليف الملاكمة الإيطالية أنجيلا كاريني في أولمبياد باريس، تعرضت لحملة انتقادات مماثلة.

تلك الانتقادات لم تقتصر على أدائها الرياضي، بل تضمنت أيضاً تشكيكاً في أنوثتها وصلاحيتها للمشاركة في المنافسات النسائية، حيث ادعى البعض أن إيمان تنافس بشكل غير عادل. من بين هؤلاء المنتقدين كانت مسؤولة إيطالية، تساءلت عن قرار اللجنة الأولمبية الدولية بالسماح للرياضية الجزائرية بالمنافسة بين النساء. هذه الحملة الإعلامية والسياسية ضد إيمان خليف تعكس التحيز والعنصرية التي يواجهها الرياضيون العرب والمسلمون على المستوى الدولي، وتُظهر ازدواجية المعايير التي يستخدمها الغرب عند التعامل مع قضايا تمس العرب والمسلمين.

وفي الوقت الذي يتبجح فيه الإعلام الغربي بالدعوة إلى العدالة والمساواة بين الجنسين، نجد أنه يحتفي بمشاركة الرياضي نيكي هيلتز، المتحول جنسياً، هذا الشخص الذي أصبح أنثى لأنهم رضوا ذلك وأصبح ينافس الإناث ويتفوق عليهن. وقد وُصفت مشاركته بأنها خطوة مهمة نحو التنوع والشمولية في الرياضة. التناقض في المعايير يظهر بوضوح، ففي الوقت الذي يُحتفى فيه برياضي متحول جنسياً ويُعتبر رمزاً للشمولية، تُنتقد إيمان خليف وتُشكك في أهليتها للمنافسة، فقط لأنها جزائرية ومسلمة. هذه الازدواجية في المعايير لا يمكن تفسيرها إلا كسلاح يُستخدم ضد العرب والمسلمين في المحافل الرياضية والسياسية.

عندما يتعلق الأمر بقضايا تمس هويتنا وثقافتنا، يُظهر الإعلام الغربي تحيزه بشكل سافر. الحديث عن المساواة والعدالة يتلاشى عندما يصطدم بالمصالح الغربية، مما يكشف زيف الشعارات التي يرفعها الإعلام الغربي. لكن إيمان خليف لم تكتفِ بالصمود أمام هذه الهجمات، بل استطاعت أن تُسقط نفاق الغرب بالضربة القاضية. وكما واجهت كل تلك الاتهامات بعزيمة وإصرار، نحن نؤمن بأنها ستحقق النصر وتنتزع الذهب. وهذا النصر ليس مجرد حلم رياضي، بل هو رمز للأمل الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الظلم والطغيان الغربي.

النصر الذي حققته إيمان على الحلبة هو ذاته النصر الذي ينتظره الفلسطينيون. وعلى الرغم من كل المعاناة والضغوط، يواصلون نضالهم بثبات. إيمان خليف تجسد الإرادة الصلبة والشجاعة التي ستنتصر في النهاية، سواء في الساحات الرياضية أو في ساحات النضال من أجل الحرية والعدالة. كما استطاعت إيمان أن تهزم خصمها وتسقط قناع النفاق، نحن على يقين أن الشعب الفلسطيني سيحقق نصره قريباً، مسقطاً كل مظاهر العنصرية والطغيان، ليؤكد مرة أخرى أن الحق لابد أن ينتصر في النهاية.