عندما يتعلّق الأمر بدائرة الأصدقاء الضيقة التي لم تعد تتّسع للكثير، يتّضح لك جلياً أن لدى الإنسان شعوراً فطرياً للتقليل من شأن الآخرين والنيل من توهّجهم وسطوعهم، لكن مع ازدحام هذا الكائن بالكراهية يستسلم حين يرى الشخص يسير بثقة وإصرار نحو وجهته ولا يكترث لثرثرة الآخرين. أقوى سلاح تواجه به هؤلاء الناس هو أن تسير بخطىٍ ثابتة، أن تستمر بعملك، أن تستعيد شغفك في كل مرة، أن تُشعل شمعة الأحلام في رحم الظلام، أن تُخبر نفسك كل يوم أنك تستحق الأفضل في الحياة، وفي نهاية المطاف تستوعب أن الأيام المشحونة بالإنشغال، تحفظك من خطيئة الاكتراث لتوافه الأمور. وإن كان لابد من التعايش مع هؤلاء تعلّم كيف تتجاوز، وتسمح بالرحيل لكل ما يؤذيك أو يعكر صفوك، وابذل الكثير لكي لا تكون انعكاساً لردات فعل البشر، كن أنت القصة والخبر! والأهم من ذلك كله أن لا تظلم نفسك في هذه الرحلة! فليس لديك متّسعٌ من الوقت لتعيش مرتين.
وهل عرفت يوماً متى يظلم الإنسان نفسه؟
حين لا يعرف قيمته حق المعرفة، حين لا يقدرها بما تستحق، حين يتطرّف لمشاعره تجاه الآخرين على حسابه، حين يهدر عمره خارج أسوار واقعه وحياته الصغيرة، باحثاً عن إطراء، متجاهلاً الكنوز التي لديه، حين لا يأخذ وقتاً كافياً من التأمل والتفكر والتنقيب ثم يدرك أنه ليس شيئاً زائداً عن الحاجة، ولا صفراً في خانات الآخرين، حين يغفل عن كونه القيمة الأساسية في كل مسألة، وعلاقة، ومرحلة!
وقد يمر الإنسان بمراحل انطفاء تُفقده الشغف في الحياة، فعندما تصل إلى هذه المرحلة، إياك أن تفقد ذاتك، واكتب لله رسائلك -وهو سبحانه يقرأ من بياض القلب قبل الورق- واجعل كلماتك سلالم إلى أعاليه، تصعد كدعوة أمٍ وتعود كاستجابةٍ مباركة، وقد ملأ جيوبك بلطفه ورضاه، وملأ بيتك بالحب، وبلادك بالسلام، وقلبك به.
رسالة أخيرة
القناعة بأن فرصنا في الحياة ليست واحدة، تردم الفجوة الكبيرة بين ما يعيشه الإنسان وما يتمناه. ومعظم الفرص تأتي على قدر السعي، فلا تصدّق أن هناك متفوّقاً استطاع الجمع بين متع الحياة والتفوّق، فكل لذّة يقابلها حرمان، ولذة التفوق هي الحرمان من إيقاع الحياة السريع.