سيناريوهات عديدة تناولت حادثة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، بما فيها زمان ومكان الاغتيال، ودور إيران في هذا الاغتيال ومسؤوليتها في هذه الحادثة، من حيث عدم توفيرها الحماية لشخصية هامة تواجدت على أرضها لتقديم التهنئة في تنصيب رئيسها الجديد.
في اعتقادي أن تصفية هنية جاءت لاعتبارات أهمها إعادة إحياء «حماس» جماهيرياً، بعدما فقدت أو اهتزت مكانتها أمام الشعب الفلسطيني، وبالذات أهالي غزة بعد أحداث 7 من أكتوبر الذي لا يزال هذا الشعب يدفع حياته ثمناً لتلك الأحداث، ويشمل ذلك مختلف فئات الشعب بجميع الأعمار، فالترسانة الإسرائيلية لا تفرق بين صغير وكبير، وإرهابها يطال الجميع، وأعذارها جاهزة دائماً، وهي استهداف عناصر «حماس» التي بدأت هجومها على إسرائيل في التاريخ المذكور .
لقد شاهدنا جميعاً عدة تقارير إعلامية لأهالي غزة وهم يائسون، غاضبون، وساخطون على حركة «حماس»، محملينها مسؤولية ما يحدث لهم من قتل وتشريد وجوع، وحال لا يعلم به إلا الله تعالى، في المقابل كان أغلب قادة «حماس» يعيشون خارج فلسطين عيشة مرفهة، وبطولاتهم لا تتعدى المايك الذي يوضع أمامهم أثناء الفعاليات والمناسبات التي تتعلق بغزة، لذلك لا غرابة أن يصل حال أهاليها إلى أقصى درجات الغضب من «حماس»، ولابد هنا من أن يسارع مسؤولوها لتحسين صورة حركتهم بأي شكل كان لعدم خسارة المزيد من الجماهير الفلسطينية.
وهناك أيضاً إيران وإسرائيل، فالأولى كان موقفها محرجاً من اغتيال هنية على أراضيها، ولكن أيضاً هناك تساؤلات، أين وسائل الدفاع الإيرانية؟ لماذا عبر هذا الصاروخ بكل أريحية سماء إيران دون قلق، واتجه بكل ثقة وطمأنينة إلى هنية، وبكل تلك الدقة؟ أين المخابرات الإيرانية من كل ذلك؟ كيف تكون إيران هدفاً سهلاً ومفتوحاً هكذا؟ وهل هناك ثقة بعد هذه الحادثة من ضيوف إيران لأجهزة إيران العسكرية والأمنية التي لم تستطع أن تحمي ضيفاً تعتبره إيران هاماً وشخصية كبيرة مثل هنية؟
أما إسرائيل فهي الأشهر في عمليات الاغتيالات والتصفيات الجسدية، ولها باع طويل في ذلك، ولكن إذا كانت هي من استهدفت هنية، فلماذا لم تعلن مسؤوليتها عن ذلك؟ لِمَ التزمت الصمت ورفضت التعليق، رغم أن إسرائيل تعتبر «حماس» عدوتها الأولى الآن؟ لماذا صمتت عن هنية بالذات؟ وهي التي استهدفت العديد من الشخصيات «الحماسوية» قبله؟ هل هي الفاعلة حقاً أو أن هناك جهات أخرى تعلم إسرائيل من هي، ولكنها تصمت الآن لاعتبارات ومصالح معينة؟
على أي حال، فإن هذه الاغتيالات مرفوضة، لا يقبلها لا عقل ولا دين، وليس لها تبرير مقنع مهما بلغت درجات الاختلافات أو حتى الخلافات فلا يمكن أن تنتهي بعملية اغتيال، فهي لا تدل إلا على ضعف الحجة وقلة الحيلة للطرف الذي ينفذ مثل هذه الأعمال الإرهابية، والشعب الفلسطيني مطالب في مثل هذه المواقف بوحدة صفه أكثر من أي وقت مضى، وعدم الاستسلام لأي محاولات عبثية تعمل على تشتت الجهود، وصولاً إلى نيل حقوقه المشروعة في إقامة دولة فلسطين على أساس حل الدولتين.