إن نعمة الأمان التي نتمتع بها في مملكة البحرين ليست مجرد حالة عابرة أو محض صدفة، بل هي نتاج لمسيرة طويلة من التسامح والتلاحم بين مختلف أطياف المجتمع البحريني. هذا التلاحم والتكاتف بين أفراد المجتمع هو الذي حمى مملكة البحرين عبر التاريخ من الفتن والتدخلات الخارجية التي تسعى لزعزعة استقرارها وبث الفرقة بين أبنائها.
في البحرين، التسامح ليس مجرد شعار يُرفع في المناسبات، بل هو نمط حياة يومي. لقد ورثنا من آبائنا وأجدادنا أن التسامح هو السلاح الأقوى في مواجهة التعصب والكراهية. هذا التسامح هو الذي صنع من البحرين مجتمعاً متماسكاً، يحتضن الجميع بمختلف دياناتهم وثقافاتهم، ويعيشون في وئام وسلام. نبذنا التعصب ورفضنا لكل أشكال التطرف والعنف هو ما حافظ على استقرارنا وأمننا طوال السنوات الماضية.
تذكرت بالأمس بعض اللحظات التي كنا نعيشها في شهر محرم ونحن أطفال صغار، حيث كان والدي -رحمه الله- يأخذنا جميعاً إلى مسقط رأسه في المحرق، حيث بيت جدي القديم، لمشاهدة العزاء. وكان يحدثنا كيف أنهم في السابق كانوا يمدون يد العون لأصدقائهم في الحي، وكانت مناوشاتهم المعتادة (أنت جاي للعيش، وأنت صلّ الأول) ثم ما تلبث لتتحول إلى ضحك، لتكشف عن صداقات قديمة. في ذلك الوقت، كان الاحترام المتبادل يسود بين جميع أبناء المجتمع، سنة وشيعة، ما عدا حالات شاذة لم تجد أذناً صاغية.
نعم، هناك من يحاول التجاوز باسم الحرية والحق إلى مستويات منحطة، ولكنها مكشوفة ومرفوضة. المجتمع والدولة وضعا حدوداً لا يجب تجاوزها، وكل شخص منا له حدوده ومساحته بما يتوافق مع نظم وقوانين وحرمة هذا البلد. ما يراه البعض في بعض الدول من (لمعان) في اسم (الحرية) ليس سوى نار قد تكون في أرضهم نوراً وضياءً، ولكنها في كثير من الدول والمجتمعات حريق وتدمير.
التدخلات الخارجية التي شهدتها بعض دول المنطقة لم تجلب لهم سوى الفوضى والانقسامات، لكن البحرين بفضل حكمة قائدها جلالة الملك المعظم، نجحت في سد الأبواب أمام هذه التدخلات، ورفضت كل محاولات إشعال الفتنة.
وفي البحرين، نؤمن بأهمية إبداء الرأي والمشاركة الإيجابية في بناء الوطن، ولكننا ندرك أيضاً أن هناك حدوداً لا يجب تجاوزها، وتجاوز هذا الخط يعني شرخ جدار الأمن في البلد، وهو أمر لا يمكننا السماح به، ولن يقبله أي فرد في المجتمع قبل الدولة.
وبفضل حكمة قيادتنا وتلاحم شعبنا، استطعنا أن نبني دولة قوية، آمنة ومستقرة. هذا الأمن الذي نعيشه اليوم ليس مجرد مصادفة، بل هو نتيجة لجهود مستمرة من جميع أبناء هذا الوطن. تجربة البحرين في الحفاظ على الأمان تعد نموذجاً فريداً في المنطقة، بينما تعاني بعض الدول من الفوضى والانقسامات، تستمر البحرين في تحقيق الاستقرار والتقدم بفضل سياساتها الحكيمة وتلاحم مجتمعها.
إن دور المجتمع البحريني في الحفاظ على نعمة الأمان لا يقتصر فقط على نبذ الفتن والتعصب، بل يمتد إلى تعزيز الوحدة الوطنية وتعميق الولاء والانتماء للبلاد. المواطن البحريني يدرك تماماً أن الأمن والاستقرار هما الركيزة الأساسية لأي تقدم وتنمية، لذا يسعى دائماً للحفاظ على هذه النعمة والعمل على تقويتها.
الأجهزة الأمنية في البحرين تلعب دوراً كبيراً في الحفاظ على نعمة الأمان. إن جهودهم المتواصلة وسهرهم على حماية الوطن والمواطنين تستحق كل التقدير والثناء. إنهم العين الساهرة التي لا تنام، يعملون بلا كلل أو ملل لضمان أن يظل الوطن آمناً ومستقراً.
في الختام، ندعو الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، وأن يوفقنا دائماً في الحفاظ على هذا الكنز الثمين، مستمرين في نهج التسامح والتلاحم، ومتمسكين بقيمنا التي جعلتنا نموذجاً يحتذى به في المنطقة. إن استمرارية هذه النعمة تتطلب منا جميعاً أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نعمل معاً من أجل مستقبل أفضل لمملكتنا الحبيبة.