ترتقي الدول وتتطور ليس بالمال والثروات الطبيعية والاقتصاد فقط، بل ترتقي بعقول أبنائها، خاصة وأن هذه العقول هي التي تنجح في تحقيق المال وتحرك الاقتصاد وتصنع المستقبل الواعد والمستمر في ازدهاره.
لذلك تُحترم الدول التي تقدر أصحاب العقول والفكر والانتاج العلمي المتجدد، بل يُشاد بهذه الدول وتُعرف بأنها دولة تقدر أهم ثرواتها، ألا وهم "البشر"، وليس أي بشر، بل البشر المنتجون والمبتكرون والمخترعون وأصحاب الآراء والأفكار.
اليوم لدينا العديد من الطاقات التي تنتج عنها أفكار وإبداعات وتنثر نتاج فكرها بشكل يومي، سواء عن طريق دراسات وأبحاث مرتبطة بدراستها العليا أو ضمن مواقع عملها، أو أولئك المفكرين الذين يقدمون إضافات نوعية في الفكر والإنتاج المعرفي باختلاف تلاوينه.
للأسف تمر علينا أخبار الإنتاج الفكري، أو عمليات تدشين الكتب والإصدارات، أو الإعلان عن دراسات أو كتب مميزة، تمر علينا مرور الكرام. وأقول للأسف، لأننا الأمة التي دعانا الله عز وجل إلى "القراءة" حينما قال جبريل عليه السلام لرسولنا صلوات الله عليه "اقرأ"، لكن المؤلم أننا بتنا "أمة لا تقرأ" إلا من رحم الله.
سأسجل التحية والتقدير اليوم لأحد رجالات هذا الوطن، قامة كبيرة، عودتنا دائماً على دعم وتشجيع أبناء الوطن، وعلى تقدير إسهاماتهم وإبداعاتهم، وأعني هنا الرجل الفاضل معالي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء، وذلك على خلفية استقباله لعدد من شباب وشابات هذا الوطن ممن قدّموا له مؤلفات لهم ودراسات وأبحاث ونتاج أفكارهم.
التحية لمعاليه لأنه ممن "يقدرون العقول"، وبحكم موقعه وعبر تاريخه دعم الكثيرين من أبناء هذا الوطن للسير خلف أحلامهم وطموحاتهم والمضي بدراساتهم المتقدمة بما يخدم البحرين، كذلك دعم المؤلفين والباحثين في إنتاجهم بما يغذي الساحة الفكرية والثقافية والعلمية والإدارية في البحرين.
هؤلاء الشباب والشابات استمعوا لحديث رجل يؤمن بأن أنجح أنواع الاستثمار، هو استثمار الوطن في أبنائه، رجل يؤمن بأن تطور أبناء الوطن وتألقهم واستمرارهم في تلقي العلوم والإنتاج الفكري، هو تطور للوطن وضمان لاستمرارية العطاء والإنتاج والتميز. لذلك يمكن لهذه العقول والطاقات المميزة أن تحدثكم عن دفعة الدعم والتوجيه والإشادة التي تلقوها من معالي الشيخ خالد، وكيف أنها ستدفعهم للاستمرار في هذا النهج وكيف سيكون تحديهم القادم في تقديم الجديد والمفيد الذي يخدم الوطن وأبناءه.
لو أردت الحديث عن تأثير هذه النتاجات الفكرية، وإسهامها وتأثيرها على الحراك المعني بالعمل الوطني، فإنني سأجد في كل عمل إضافة مميزة، يمكن أن تتحول لمشروع أو استراتيجية أو توجه تطويري. لكنني أتحدث اليوم عن الأهم، وهو ما يجعل جذوة الحماس تتقد ولا تخبو، وهو ما يجعل المشهد أمامنا مثالاً للآخرين وبالأخص من يحذو حذو أصحاب الفكر والإبداع الفكري. أتحدث عن التقدير والدعم ورفع المعنويات.
بعض المسؤولين قد ينسى "التأثير السحري" لعملية التقدير، قد لا يدرك "قوة الكلمات" حينما توجه لمن يبحث عنها ليغمره الشعور بالإنجاز، وأن عمله مقدر ومحط اهتمام. ولنا اليوم مثال في نائب رئيس مجلس الوزراء وكيف يقدّر أصحاب هذا الفكر والإنتاج، وكيف يخصّص وقتاً لهم، وهذا ديدن رأينا تأسيسه رفيع المستوى من قبل ملكنا الغالي حفظه الله، وولي عهده ورئيس الوزراء حفظه الله، وكيف هو تقديرهم وإشاداتهم ودعمهم للإسهامات الفكرية واستقبالهم لأصحابها وتشجيعهم.
تقدير أبناء الوطن، وتشجيعهم ودعمهم هو أسمى أنواع "الاستثمار" الذي تقوم به الدول التي تقدّر العقول.