مع بزوغ فجر هذا اليوم؛ يحتفل العالم العربي والإسلامي بذكرى هجرة النبي الأكرم، صلى الله عليه وسلم، في أول أيام محرم الحرام، حيث انبثق الحق أبلج بولادة دولة الإسلام، والتي رسخت أسس العدالة الإنسانية، وأشاعت قيم السلام والتسامح في كل بقاع الأرض.
ونحن اليوم نحتفل بالهجرة الشريفة، نستذكر بكل الفخر والاعتزام ما رسخته الرسالة الإسلامية من أخوة ومحبة بين أبناء مجتمع المدينة، حيث تكاتفت القلوب قبل الأيادي في صورة إنسانية عز وجودها، حيث تقاسم المهاجرون والأنصار، بكل حب وإنسانية، لقمة العيش متحدين متكاتفين، دافعهم إلى ذلك إيمانهم بالله عز وجل وتصديقاً لرسالة محمد بن عبدالله.
صورة إنسانية نحتاجها اليوم في كل مفصل من مفاصل حياتنا، في ظل انهيار القيم وتراجع الأخلاق وفساد الفطرة، لا يهزنا أنين جريح ولا بكاء مكلوم ولا جوع فقير.
في مملكة البحرين، وطن الحب والتآخي والتسامح والحرية؛ نلمس مضامين الهجرة النبوية الشريفة عبر ما يجمع أبناء الوطن الواحد في السراء والضراء، إلى جانب ما تحظى به الشعائر الدينية في شهر محرم من اهتمام ومتابعة من لدن جلالة الملك المعظم والحكومة، وهو ما نراه بشكل واضح في الجهود المبذولة من جميع الجهات المعنية في سبيل خدمة المآتم والمواكب والمضائف.
تاريخ البحرين، قديماً وحديثاً، يؤكد على ما تحظى به الحريات الدينية من رعاية واهتمام، وما تقدمه الدولة لجميع أبناء الوطن ليمارسوا شعائرهم بكل حرية، بضمانات دستورية وتشريعية متطورة، صانت حقوق الجميع دون إفراط أو تفريط.
إن الهجرة النبوية الشريفة ومناسبات شهر محرم تؤكد لنا، عاماً بعد عام، رسوخ وتعزيز قيم هذا الوطن، الذي بُني على المحبة والتآخي والسلام والحرية، فالجميع له كل الحق والحرية في ممارسة شعائره الدينية، ضمن القانون، تعزيزاً لوحدة الوطن والشعب.
إن محرم الحرام، وما يتخلله من مناسبات، فرصة مواتية لتتجلي أسمى المعاني الإنسانية والخصوصية البحرينية المتحضرة بنسيجها الاجتماعي المتماسك والمتعايش بسلام وانسجام، وهو ما يرسخ مكانة هذه الجزيرة كونها الواحة الآمنة التي تحتضن وتحمي الحريات الدينية بشعائرها المختلفة.
إضاءة
نتابع عبر قنواتنا الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعية التفاصيل اليومية لإبادة جماعية لإخوة لنا في الدين والعروبة والإنسانية؛ قد نحزن قليلاً ولكننا نتابع حياتنا كالمعتاد، وإذا زاد تأثرنا قد نتبرع ببعض دنانير أو ننشر صورة أو فيديو عبر صفحاتنا.
نسينا أخلاقنا الإسلامية والعربية وما تربينا عليه في ظل عملية تغريب طالت كل قيمنا حتى تحولنا إلى مسوخ، شكلاً ومضموناً.
فما أحوجنا اليوم أن نستعيد أخلاق الهجرة النبوية ودروسها حتى نستعيد بعضاً من إنسانيتنا.