مجزرة في شمال غزة ثم مجزرة في خان يونس ثم مجزرة في رفح ثم مجزرة بيت لاهيا ثم ثم ثم إلخ ...، سلسلة مجازر تتواصل منذ العدوان على غزة من أكتوبر 2023 م حتى آخرها مجزرة النصيرات، تلك المجزرة التي تغاضى عنها الإعلام الغربي في سبيل تلميع أكثر العمليات العسكرية فشلاً في العالم «عملية تحرير الرهائن الأربعة».
في هذا اليوم «يوم عملية النصيرات» هناك حدثان، الحدث الأول والذي تغنت به الإدارة الأمريكية قبل الإسرائيلية هي العملية العسكرية المشتركة بين القوات الإسرائيلية والأمريكية في مخيم النصيرات، والتي نتج عنها تحرير عدد «4» رهائن من الإسرائيليين، وهو ما اعتبر نصراً للحكومة الإسرائيلية المتطرفة والقيادة الأمريكية التي باركت العملية بدعم لوجيستي واستخباراتي ومادي وإعلامي، والحدث الثاني الذي لم يتطرق إليه الرئيس الأمريكي خلال ظهوره في كلمة وترحيبه بالرهائن ونجاح العملية ولا إعلامه، هو استشهاد أكثر من 200 وإصابة أكثر من 500 شخص جراء العملية العسكرية.
هؤلاء الشهداء اعتبرتهم السياسة الغربية وقادة الحرب بـ»الأضرار الجانبية»، فهم ليسوا هدفاً للعملية ولم تكن هناك نية لقتلهم ولكنهم تواجدوا في المكان والزمان الخطأ! طبعاً هذا هو التبرير الإسرائيلي والأمريكي المتكرر في حال وقوع ضحايا في الجانب المدني من الفلسطينيين.
أكثر من 200 روح زهقت جلهم نساء وأطفال في سبيل تحرير 4 أشخاص، في عملية جبانة تشاركت فيها قوتان مدججتان بأحدث أنواع السلاح، جبانة لأنها لم تقصد الاشتباك مع المقاومة أو الفصائل المسلحة بل عمدت لإيقاع أكبر عدد من المدنيين تحت مسمى أضرار جانبية، فما المبرر من استخدام قوة صاروخية وطائرات لقصف المخيم بشكل عشوائي رغم أن القوات البرية «الكوماندوز» استطاعت إخراج الرهائن!
الفرضية الوحيدة هي بأنها فرصة لمزيد من القتل والقضاء على كل مظاهر الحياة في غزة وجعلها أرضاً مهجورة، فهم يعلمون بأنهم تحت غطاء إعلامي يركز على موضوع «تحرير الرهائن» والظاهر للعالم بأنها عملية نبيلة من القوة الإسرائيلية والأمريكية من أجل تحرير المدنيين الإسرائيليين، وهو ما يؤكده موقف «بايدن» الذي خرج ليرحب ويبارك ويسلم على الهواء.
ولأن العالم لم يعد كما كان قبل العدوان الإسرائيلي على غزة، ولم يعد الجميع يصدق الرواية الرسمية والمسرحيات الدموية، لتخرج أصواتهم ومسيراتهم الإنسانية في الغرب والشرق وتردد «فلسطين حرة» وتطالب بوقف قتل الأبرياء في غزة، فلم تعد أكاذيب الإدارة الأمريكية والإسرائيلية تنطلي على العالم ولن يجدوا مصفقاً لروايتهم الكاذبة، هذه السياسة العالمية الكاذبة هي نفسها التي خرج فيها أغلب القادة السياسيين في العالم عام 2015 م بمسيرة في شوارع باريس من أجل حادثة شارلي إيبدو التي قتل فيها 12 صحفياً أغلبهم اليوم صامتاً عن جرائم إسرائيل والتي فقط خلال التسعة أشهر بلغت أكثر من 36 ألف شهيد لماذا فقط لأنهم فلسطينيون؟!