ولد في مالدن، ماساتشوستس، في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1747، لم يتعلم، ولم تكن له أي مهارات في التجارة، بل وأفكاره التجارية سخيفة، ولأجل السخرية حاول من حوله إرشاده إلى اتخاذ قرارات تجارية لا يتخذها أبسط غبي، فقط ليسخروا منه، لكنه نفذها، وبالرغم من كل ذلك نجح وحقق ثروة هائلة، إنه تيموثي دكستر، الشخصية الطريفة والغريبة في التاريخ الأمريكي الحديث.
دكستر قصته مليئة بالأحداث العجيبة غير المنطقية، فهو رجل عمل في التجارة دون معرفة بقواعدها، وأجرى صفقات محكوم عليها بالفشل ولا فرصة لنجاحها، ولا يمكن لعاقل يستطيع إجراء أبسط الحسابات والتخمينات أن يقدم عليها، ومع ذلك تكللت بالنجاح الباهر، من هذه الأحداث أن بعض التجار أشاروا عليه بشحن بضاعة إلى جزر الهند الغربية مكونة من نسخ من الإنجيل والقفازات، ليسخروا منه لأن جزر الهند الغربية لم تكن المسيحية قد انتشرت فيها بعد، فماذا ستفعل بالإنجيل، كما أن جوها حار ومن غير الممكن أن يرتدي سكانها القفازات، ومع ذلك اشترى دكستر 40 ألف نسخة من الإنجيل و40 ألف زوج من القفازات، وشحنها إلى الجزر، فتزامن وصول البضاعة مع وصول المبشرين بالمسيحية الذي اشتروا كل النسخ، وحقق أرباحاً عالية، كما وصلت سفن تجارية في الوقت ذاته إلى جزر الهند الغربية واشترى تجارها كل القفازات وشحنوها إلى سيبيريا في روسيا، ومرة أخرى جاءه التجار واقترحوا عليه شحن الفحم إلى نيوكاسل الإنكليزية، وهو لا يعلم أن نيوكاسل مركز صناعة الفحم، فمن يشحن الفحم إليها هي كمن يبيع التمر على أصحاب بساتين النخيل، لكن عندما وصلت شحنة الفحم إلى نيوكاسل تزامن وصولها مع إضراب عمال مناجم الفحم وكانت المدينة تعاني نقصاً حاداً في الفحم، فكانت هذه الشحنة مفيدة جداً وبيعت بسعر مرتفع وحقق دكستر أرباحاً عالية منها.
اعتقد دكستر أنه شخصية عظيمة، فقرر تأليف كتاب، مع أن خبرته في التأليف لا تختلف عن خبرة أي مغني شعبي من الصف الأخير في الغناء الأوبيرالي، فكان كتابه «مخلل للعرافين» ذو التسعة آلاف كلمة والخالي من أدوات التنقيط، فلا فواصل ولا نقاط ولا أي علامة، الأكثر انتشاراً وحقق مبيعات قياسية وطبع ثماني مرات، حتى أنه في الطبعة الثانية أضاف صفحة وملأها بعلامات الترقيم المختلفة وطلب من القراء استخدام هذه العلامات في أي موضع يشاؤون من الكتاب.
قصة دكستر مثال صارخ على أن جني المال وتكوين الثروات والنجاح بشكل عام، عمودها الحقيقي الرزق الذي قدره الله لكل إنسان، وليست الشطارة والذكاء، وأن الرزق يمكن أن يكون أحد أسبابه الجرأة في اتخاذ القرار والإصرار على تنفيذه، كما أن في قصة هذا الرجل عبرة مفادها أن فرص النجاح تكمن في أماكن غير متوقعة لكنها تحتاج إلى أن تتزامن مع الظرف الذي يهيئه الله عز وجل إذا ما كتب لصاحبها الرزق.
* عميد كلية القانون -
الجامعة الخليجية