يأتي انعقاد "قمة البحرين" في ظل التوترات السياسية التي تحاط بالدول العربية، حيث إن وسائل الإعلام على مستوى العالم تصف هذه القمة بأنها تاريخية لما تحمله من دلالات ومخرجات تترقبها الشعوب، حيث يصفها البعض بأنها قمة لم الشمل العربي.
إن أهم المخرجات التي سيتم العمل عليها تتفرع إلى عدة مستويات، وهي المستوى السياسي والعلاقات الخارجية والاقتصادي والحقوقي، فكل مستوى له مجموعة من القرارات التي ستسهم في دعم عجلة العمل العربي المشترك وكذلك ستؤكد التنسيق الموحد وفق تكتل عربي في معالجة جميع القضايا.
فعلى المستوى السياسي والعلاقات الخارجية، فقمة البحرين في توقيتها تتطلب قرارات مصيرية في ملفات عدة وعلى رأسها تكثيف الجهود العربية في التعاطي مع الملف الفلسطيني، حيث إن ما يجري حالياً في غزة من محاولات التهجير القسري والكشف عن المقابر الجماعية هي جرائم تستدعي أن يتم إيقافها بصورة عاجلة لإيجاد مسار حقيقي لحل الدولتين وفق الشرعية الدولية والمبادرة العربية، وهذا الأمر لن يرى النور من دون التماسك والدفع بقرار عربي موحد يذهب إلى هذا الاتجاه، مما يستدعي أن يكون هناك خطاب عربي مشترك في القضية العرب الأولى.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن الظروف الجيوسياسية في الوطن العربي وما تعانيه بعض الدول من أزمات اقتصادية يتطلب التكاتف في تنمية تلك الثروات من خلال خلق شراكات في مجال الاستثمار وتعزيز الخطط التنموية لمواجهة الفقر والمجاعة والتهجير عبر خلق حياة كريمة للدول العربية المتضررة من هذه الظروف، فقمة البحرين وبحسب جدول الأعمال فإنها وضعت ضمن أجندتها انعقاد الاجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري لمجلس الجامعة العربية والذي سيخرج من قرارات ستسهم بلا أدنى شك في تنسيق الجهود في التكامل الاقتصادي المشترك ولا سيما في مجال الخدمات الجمركية والاستثمار والبورصة العربية والأمن الغذائي.
أما في مجال حقوق الإنسان، فإن مملكة البحرين وعبر مبادرة سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه قطعت شوطاً مهماً في مقترح إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان والذي سيسهم بشكل كبير في مواجهة أي إملاءات وتدخلات غربية في شؤون الدول العربية، وفي هذا السياق فإن البحرين تعتبر نموذجاً استثنائياً في مبادرات حقوق الإنسان على مستوى المنطقة، ونتمنى أن تتوج هذه الجهود بأن تكون المنامة مقراً للمحكمة العربية لحقوق الإنسان.
خلاصة القول، إن قمة البحرين هي من القمم العربية التاريخية التي تترقبها الأوساط ليست العربية حتى العالمية لما لها من قرارات ستؤثر على مجريات الصراعات والنزاعات في المنطقة، والأجمل من ذلك بأن الأوساط العربية متفائلة بأن هذه القمة ستصنع خارطة طريق لمستقبل الأمة العربية.