إن سرعة تفادي تراكم المياه في الطرقات العامة والشوارع الداخلية من خلال تلقي الاتصالات عبر الخطوط الساخنة التي وضعتها وزارة الأشغال والبلديات والزراعة بالتعاون مع المجالس البلدية جاءت بنتائج مرضية للعمل المطلوب وفي الوقت المناسب، وفي يوم مقدّر تُشكر عليه هذه الجهود وهو يوم العمال الذين عملوا خلال 24 ساعة لراحة الجميع، ومتابعة احتياجات الشارع العام والأفراد في المناطق.
إنها الخطة الوطنية، والجهود المؤسسية لمواجهة أمطار نهاية أبريل 2024 والتي كان لها الدور الكبير في سرعة تفادي أي أضرار قد يواجهها المواطنون من تراكم مياه الأمطار في الشوارع العامة وغيرها المناطقية، حيث وجدنا بأن هناك استعداداً قوياً ومضاعفاً عن الاستعدادات السابقة بدءاً من التحذيرات في تكثيف التنبيهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام، وما يرسل من تقارير صحفية عن حالة الطقس من قِبَل إدارة الأرصاد الجوية بوزارة المواصلات والاتصالات، وغيرها من الاستعدادات التي أخذ بها الأفراد في منازلهم والمبنية على تجاربهم السابقة خوفاً من أي تبعات والتي نُقلت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بهدف نقل التجربة وأسلوب الإبداع والابتكار المتولد من الحاجة ليكون الاختراع حيث هو المواطن البحريني الذي لا يقف متفرجاً أو مستسلماً للأزمات، فكانت منها الوسائل الطريفة التي انتشرت إعلامياً ومنها ما قام بها أحد المواطنين بربط سيارته بسلسلة من حديد في قضبان شباك المنزل خوفاً من انزلاقها وسط مياه الأمطار الجارفة كما حدث في مناطق إحدى دول الخليج، وهذه الاستراتيجية والأساليب التي اتبعها المواطنون تؤكد على الذكاء المعرفي لمواطني مملكة البحرين والذين منحو البحرين المرتبة الثانية عربياً والـ97 عالمياً في قائمة الدول الأكثر ذكاء وفق ما نشرته مجلة سي إي أو وورلد الأمريكية، وذلك بالاعتماد على تصنيفات عالمية، بمعايير خاصة حددتها المجلة عبر موقعها الرسمي مشيرة في دراستها المنشورة إلى أن "معدل الذكاء "حاصل الذكاء" هو مقياس للقدرة المعرفية التي يتم تحديدها من خلال اختبارات موحدة تقيّم جوانب مختلفة من الذكاء، منها الذاكرة، ومهارات حل المشكلات، وغيرها.
وبناء على ذلك وما تتميز به البحرين من معدلات عالمية من الذكاء المعرفي، نتمنى أن يُستثمر هذا الإنجاز في وضع حلول لمشكلة البعوض التي يشكو منها غالبية الشعب البحريني وغيره من الدول المجاورة لتكون هناك الاقتراحات والمبادرات المساهمة من أبناء وشباب الشعب البحريني ليكون رائداً في وضع هذه المبادرة الصحية، وذلك بطرح مسابقة أو جائزة للتقدم بأفضل الاقتراحات والاختراعات لحل هذه المشكلة التي شغلت الجميع في ضرورة التحرّك لمواجهة هذه الحشرة والتصدي لأي أضرار صحية مستقبلية وخصوصاً مع زيادة نسبة المستنقعات التي تُعدّ بيئة نشطة وحاضنة لهذه الحشرات المؤذية مع زيادة تساقط الأمطار وما يخلّفها من مستنقعات محفزة لتكاثر البعوض.
فهناك من المبادرات القريبة الشبه التي وجدت في بعض الدول العربية ومنها لبنان، حيث صُمم جهاز للكشف المبكر عن الحشرات الضارة التي تغزو المواسم الزراعية ليستفيد منها المزارعون عبر تلقّي تقارير في الوقت الحقيقي والتحديثات عن أفضل الممارسات الزراعية للتعامل مع الحشرات وذلك من قِبَل شركة ناشئة تُدعى "IOTree" طوّرت شبكة لاسلكية للمصايد الذكية تعمل باستخدام الذكاء الاصطناعي ونظام التعلّم العميق، وغيرها من التجارب التي يجريها الخبراء في مجال إبادة الحشرات حيث الدراسات العالمية لتطوير حلول فعالة ومبتكرة بطرق صديقة للبيئة وصحية للإنسان ومنها: استخدام البيولوجيا الحشرية حيث يعتمد هذا النهج على استخدام الأعداء الطبيعيين للحشرات، مثل الآفات والفطريات الطفيلية، لمكافحة الحشرات الضارة دون الحاجة إلى استخدام مبيدات كيميائية، وغيرها من تقنيات التدخل الوراثي التي تعتمد على تعديل جينات الحشرات بحيث يتم جعلها أقل ضرراً أو يتم تقليل أعدادها، وهناك أيضاً الأساليب الحيوية التي تشمل استخدام الأعشاب البحرية والنباتات الزراعية المُعينة على مكافحة الحشرات، بالإضافة إلى استخدام مواد طبيعية مثل الزيوت العطرية والصابون النباتي لقتل الحشرات، وآخرها التعليم والتوعية بأهمية مكافحة الحشرات وتوجيه الجمهور نحو استخدام أساليب صحية ومستدامة جزءاً مهماً من حل المشكلة حيث تثقيف الناس حول كيفية التعامل مع الحشرات الضارة وتجنّب السلوكيات التي تساهم في انتشارها وتقليل الحاجة إلى تدابير مكافحة كيميائية.
حلول ومقترحات وتجارب علمية مازالت قائمة فلتكن البحرين مساهمة في هذه الدائرة حيث اعتادت البحرين على أن تكون المشاركة الوطنية الحاضنة للجهود المؤسسية والمجتمعية رمزاً لنجاحاتها وإنجازاتها، فليُفتح المجال التحفيزي للمشاركة في تقديم المقترحات والاختراعات للتخلص من آفة البعوض.
* إعلامية وباحثة أكاديمية