184 يوماً حتى قراءتك لهذا العمود مضت منذ أن أعلن الجيش الإسرائيلي شن حملته الغاشمة على قطاع غزة، حملة غاشمة وصمت دولي جراء المجازر التي لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر لتبلغ 33 ألف شهيد، و75 ألف جريح حسب الإحصائيات الأخيرة التي قرأتها يوم الجمعة مع كتابة هذه الفقرات، حيث لم تدع القوات الغاشمة مشفى أو مسجداً إلا وانتهكت حرمته، فنيرانها لا تفرق بين صغير أو كبير، مسلم أو غير مسلم، وإنما تحرق كل ما تقع ألسنة لهبها عليه مخلفة دماراً شاملاً، محولة مدناً تنبض بالحياة إلى مدن أشباح، تشرد الناس من بيوتهم وعماراتهم إلى خيام لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف.

من المضحك المبكي أن يوم كتابتي لهذه المقالة صادف الخامس من أبريل، وهو يوم الضمير العالمي، ويوم الطفل الفلسطيني، ولكن بدلاً من حماية الأطفال الفلسطينيين الذين يموتون ويصابون بشكل يومي يقف الضمير العالمي ميتاً ولا يحرك ساكناً تجاه كل الانتهاكات التي تطال الشعب الفلسطيني يومياً منذ 75 عاماً.

ومع هذا السكوت الدولي تجاه ما يحدث تبادر الشعوب إلى إقامة حملات إغاثية في محاولة إنعاش للوضع المأساوي في غزة، فتبادر الجمعيات لإيصال المساعدات الغذائية والصحية والتي من المستحيل أن تكون كافية لكبر حجم المأساة، ولكن الصحوة الكبيرة التي اجتاحت العالم تجاه القضية الفلسطينية ساهمت في توعية أجيال كانت على وشك أن تنسى ما هي فلسطين وما هي قضيتها.

وبجانب هذه المساعدات كان هناك العديد من المبادرات الفردية للدخول إلى قطاع غزة في سبيل المساعدة، كالأطباء من جنسيات مختلفة والذين يضحون بسلامتهم محاولين إنقاذ الوضع الصحي المتردي في القطاع، وفي مبادرة نوعية قام فريق أطباء كويتي بالدخول إلى قطاع غزة، الفريق المكون من استشاريين وجراحين كويتيين دخلوا غزة عبر معبر رفح البري من أجل تقديم يد المساعدة للأشقاء الفلسطينيين ومساندة الطواقم الطبية الفلسطينية في غزة، وتتركز مهمة الفريق على مساعدة الكوادر الطبية في المستشفيات الفلسطينية وإجراء العمليات الجراحية الدقيقة للحالات المرضية والإصابات الحرجة.

هذا النوع من المبادرات مطلوب جداً، وخاصة لأصحاب التخصصات الطبية الدقيقة الذين يستطيعون تقديم العون للقطاع الصحي المتهالك، ولعبت جمعية الهلال الأحمر دوراً كبيراً في إدخال الكثير من الأطباء المتطوعين إلى القطاع في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

أقبل رمضان وشارف على الانتهاء ليكون العيد على الأبواب، فما عاش أهل غزة رمضان ولن يروا عيداً، ولا نملك لهم إلا الدعاء وتقديم التبرعات للجهات الخيرية المخولة عسى الله أن يتقبلها منا وهو عالم بعجزنا.