نحن في عصر أصبح فيه تحقيق الأمن الغذائي يتبوأ صدارة أولويات اقتصاد البلدان على مستوى العالم، سواء المتقدمة أو النامية، المنتجة أو غير المنتجة، التي لديها موارد أو المفتقرة لها، هو تحقيق الأمن الغذائي، وهذا الأمر لا يقتصر على تكريس سبل الإنتاج والعمل على رفع سقف المنتج الغذائي، إن كان من الأرض، أو الأنعام، أو الطير، أو البحر، بل يقتضي وقف الاستهلاك، وقفاً زمنياً مؤقتاً ومحدداً. من الجدير بالأهمية أن تكون هناك مبادرة تهدف إلى إصدار قرار لمنع صيد سمك «الصافي» و«الشعري» خلال موسم التكاثر لهذه الأنواع، أسوة بحظر صيد الكنعد والروبيان وسرطان البحر «القبقب»، وذلك بهدف تنمية المخزون السّمكي لها، الذي بات يشكّل شُحا غير مسبوق، ويُنذر بخطر انقراض ليس ببعيد.

إذا أين الإشكال في ذلك؟! علما بأنه توجد بدائل أخرى من أنواع الأسماك والأحياء البحرية. الإشكال يكون عندما يغيب الوعي بهذه الأهمية والالتزام بها لدى أي طرف من الأطراف ذات العلاقة، سواء لدى الطرف المستثمر في الثروة الوطنية البحرية من خلال الصيد والتجارة بالمحصول. وقد يكون لدى الطرف المستهلك الذي قد يرفع سقف الطّلب. وقد يكون لدى الطرف القائم على تنظيم وتقنين آلية استثمار واستهلاك الصيد البحري وتعيين الأساليب الآمنة، ومنع استخدام الأساليب الضارة مثل استخدام شباك الصيد القاعية، والغزل المكون من ثلاث طبقات المدمّرة للبيئة البحرية، وسن تشريعات الحفاظ على مختلف أنواع الأسماك وفق القواعد العلمية.

الإشكال يكمن أيضاً في وجود طرف آخر مخترق يمارس النشاط العشوائي لصيد جائر خارج المنظومة، وباعتباره غير نظامي فهو مخالف بطبيعته في كل الحالات وليس بقلة أو عدم وعيه، تمثّل في حالات رصدت لبعض العمالة الآسيوية وفق ما ذكرت بعض المصادر.

يجب أن ندرك أن الحظر هو لفترة محدودة، تكون عادة فترة تكاثر نوع السمك، وهو إجراء وقائي لعدم استنزاف مخزون نوع معيّن، يتيح فرصة التكاثر الذي من شأنه أن يولّد فرصة فضلى للارتزاق والكسب بالنسبة للصيادين، وكذلك يتيح انتفاع المستهلك وتلبية طلبه لنوع السمك، على النحو الذي يحقق أيضاً الاستدامة، كما يعمل على المحافظة على التوازن بين الأحياء البحرية.

وفي ذلك أمثلة لتجارب وخبرة بلدان عدة رائدة في مجال استغلال الثروة البحرية، من بينها دولة الإمارات العربية؛ فقد طبقت فيما سبق الحظر على صيد أسماك القرش والصافي والشعري، وكذلك المملكة العربية السعودية، والبلدان الغربية وفي مقدمتها النرويج وفنلندا ضمن إقامة الحظر المفروض على صيد سمك السلمون.

وفي هذا الشأن تبرم أيضاً اتفاقيات دولية تحكم المياه الإقليمية؛ فالمسؤولية مشتركة ليس فقط على المستوى المحلي بل أيضا على المستوى الدولي.