دائماً نقول بعد انتهاء منافسات سباق جائزة البحرين للفورمولا1 كل عام، أن بلادنا «هي الفائز الحقيقي»، بغضّ النظر عن الفريق الفائز والسائق الذي يمثله.

ولماذا نقول ذلك؟! لأن المكاسب من استضافة سباق الفورمولا1 لأي دولة أكبر بكثير من نتيجة السباق والمنافسة فيه، إذ نعم هو حدث رياضي عالمي يلفت الأنظار، لكن هناك ما يرتبط به عبر جوانب عديدة وفيها من الأهمية ما يفوق النتيجة على المضمار.

أولاً علينا معرفة أن الفرق المتنافسة في بطولة الفورمولا1 تصرف ملايين الملايين في عملية صناعة وتطوير السيارات والتعاقد مع السائقين المحترفين، بالإضافة لطواقم فنية وإدارية بالمئات، دون نسيان تكاليف التنقل والصيانة والتأجير للمرافق والأدوات في الحلبات حول العالم، وأيضاً تكلفة الطيران ونقل البشر والسيارات والمعدات. وبالتالي سباقات الفورمولا1 تعد من أغلى «الصناعات الرياضية» كتكلفة.

لكن استضافة مثل هذا الحدث وما يترتب عليه من مكاسب، هي بيت القصيد. إذ على سبيل المثال لماذا تتنافس الدول في استضافة الفعاليات العالمية الكبرى مثل كأس العالم والأولمبياد والفورمولا1؟!

نعم هناك تكلفة للاستضافة، لكن العوائد لو تم تفكيكها وتصنيفها لوجدتم أنها تعود بالفائدة وبشكل رهيب وكبير، إذ الاستضافة هي استثمار، نتائجه تمثل المداخيل المالية طبعاً، لكن أيضاً هناك عوائد تعتبر تمهيداً لأمور مستقبلية في جانب الاستثمار، أو تلك التي تفتح العيون والأنظار على بلادنا والفرص فيها، وهي أيضاً تأتي باستثمارات ومشاريع. دون أن ننسى «صناعة السمعة» والتي من أجلها تدفع دول وشركات أموالاً طائلة في مجال الترويح والتسويق والدعاية والإعلان.

بمجرد أن تستضيف حدثاً عالمياً مثل الفورمولا1 فإنك تضع اسم بلادك على الخارطة العالمية، وهذا يعني أن العالم بأسره سيعرف من أنت وأين مكانك، بل وسيقوم الناس بالبحث عنك ومعرفة كثير من الجوانب سواء في الجانب السياحي أو الاستثماري على مستوى الأفراد وحتى رؤوس الأموال.

موقع البحرين بحد ذاته يعطيها نقطة تميز، بالإضافة لكونها دولة نفطية وبلداً منفتحاً على الاستثمارات وتتعامل بأريحية مع المشاريع الطموحة القادمة من الخارج، بالتالي هي أرضية خصبة للاستثمار. دون أن ننسى كيف يحرك هذا الحدث العالمي الاقتصاد المحلي، من خلال الإشغال الفندقي وعوائد السياحة وحركة الطيران وحتى التسوق والتبضع ورفع نسبة المشتريات في السوق المحلي بما يفيد أصحاب المشاريع باختلافها وتنوعها.

والفكرة ليس اقتصار هذا الحراك والانتعاش القوي في وقت السباق واستضافته، بل هي طبيعة بشرية، إذ حينما تزور بلداً وترتاح فيه لأول مرة، فإنك بالتأكيد ستزوره مراراً وتكراراً، وهذا ما يحصل مع العديد من الزوّار الذين قدموا للبحرين لأجل السباق العالمي، لكنهم عادوا لها في فترات أخرى للسياحة والتسوق والاستجمام وللتعرّف أكثر على بلادنا وتقاليدها وإرثها التاريخي وغيرها من أمور.

بغضّ النظر عمن فاز بالأمس، أكان الفوز للريدبول أو الفيراري أو المرسيدس أو غيرهم من الفرق وسائقيهم، فإننا في البحرين دائماً نحتفل عبر «البوديوم الخاص» بنا، منصة تتويج تقف فيها البحرين لوحدها، يُعزف سلامها الملكي، ويسود مع المشهد شعور وطني بالفخر والاعتزاز.

وكلمة أخيرة نقولها لـ»العراب»، صانع نجاح هذا السباق العالمي على أرض البحرين الغالية وفي «لؤلؤة الصحراء» الجميلة، نقولها لـ«بوعيسى» مليون مبروك، أنت رأيت هذه الصورة الرائعة قبل حصولها بـ20 عاماً، ومازال الإبداع له امتداد بإذن الله لا ينقطع.