من الجيد أن وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن، اكتشف الخطر الإيراني في المنطقة، والذي هو مهدد لأمن إسرائيل، وعلى ضوء ذلك طالب السيد بلينكن عزل إيران ووكلائها في المنطقة حتى لا تتكرر جولات العنف فيها.
ذلك ما تطرق إليه السيد بلينكن في تصريحات صحفية قبل عدة أيام، ولكن هل تناسى أن الخطر الإيراني مهدد للمنطقة -بما فيها إسرائيل كما يزعم-، ليس اللحظة، وإنما لأكثر من 45 عاماً، وفي هذه الحالة فإن الولايات المتحدة مطالبة بأخذ زمام المبادرة واتخاذ أفعال تحفظ أمن واستقرار المنطقة، وهو ما لم تفعله بالشكل المطلوب حتى الآن.
السؤال هو: ما الجديد الذي أضافه الوزير بلينكن عبر تلك التصريحات الصحفية؟ الجواب لا شيء، فإيران ونظامها ووكلاؤها مستمرون في تهديد المنطقة، ودول كبرى لم تستطع –برغبتها- فعل أي شيء في سبيل وقف الخطر الإيراني، بل على العكس وجدنا دول الاتحاد الأوروبي تحاول دعم إيران للحصول على الطاقة النووية التي يعتبر وجودها في أيدي النظام الإيراني خطراً حقيقياً على المنطقة.
وهناك سؤال آخر، وهو لماذا لم تبادر الولايات المتحدة وتتخذ خطوات تحد من خطر إيران في المنطقة، وتحفظ به أمن إسرائيل كما تريد؟ وتلك الخطوات ليست بالأمر الجديد على واشنطن، فسبق وأن اتخذت قرارات ونفذتها للحفاظ على الأمن الإسرائيلي بالدرجة الأولى، ثم الحفاظ على أمن المنطقة، مع تحفظ الكثير على مفهوم «الأمن والسلام والاستقرار» في المنطقة لدى الجانب الأمريكي. وليسمح لي السيد بلينكن، فلدي تساؤلات حول الأوضاع في العراق الذي احتلته أمريكا، وتلك التساؤلات تتعلق بوكلاء إيران في المنطقة، وأظن أن العراق يحتضن أكبرها، كالحشد الشعبي، وحزب الله العراقي، وفيلق القدس فرع العراق، وعصائب أهل الحق، وغيرها من الميليشيات والتنظيمات والفصائل الموالية لإيران والتي تأسست كلها تقريباً بعد احتلال الولايات المتحدة للعراق في 2003.
بمعنى آخر، أن ما أسماهم بلينكن وكلاء إيران في المنطقة ومنها بالطبع المتواجدون أغلبهم في العراق، ظهروا إلى الوجود في عز الاحتلال الأمريكي للعراق، تحت مرآى ومسمع المسؤولين في الولايات المتحدة، فلماذا سمحت واشنطن بتشكيل هذه التنظيمات؟ ولماذا لم تقضِ عليها عند تأسيسها حتى لا تتمدد ويشتد عنفها وخطرها الذي وصل لمدى غير مسبوق في المنطقة، مع العلم أن أغلب تلك التنظيمات مصنفة إرهابية لدى واشنطن.
إن النظام الإيراني مستمر في تهديد المنطقة ومنها إسرائيل كما يزعم بلينكن، طالما لم يردعه رادع، وطالما بقيت دول الغرب على وفاق مع هذا النظام، فإذا لم يكن الخوف على أمن إسرائيل ومصالح واشنطن في المنطقة دوافع وأسباباً لردع النظام الإيراني، فما هي إذن؟