زاد الحديث مؤخراً عن المخدرات في المجالس المغلقة والمفتوحة، وبيوت العزاء، وصالات الأفراح، في كل مكان الناس يشغلها الانتشار المرعب للمخدرات "الرخيصة"، التي أصبحت تشكل إرهاباً يطرق أبوابنا جميعاً.

تشير توقعات وزارة الأمن الداخلي الأمريكية إلى أن المخدرات أحد أكبر التهديدات للأمن القومي خلال عام 2024م، وذلك حسب التقرير الذي نشرته الوزارة وجاء فيه: "بينما يشكل الإرهابيون تهديداً دائماً للوطن، فإن المخدرات تقتل وتؤذي عدداً أكبر بكثير في الولايات المتحدة سنوياً".

وفي خضم الأعداد المتزايدة للمهربين والمدمنين تتصاعد وتيرة التخوفات المجتمعية من هذه الآفة، كما تتزايد الجهود الدولية لمكافحة جرائم التهريب والترويج والتعاطي للمخدرات والمؤثرات العقلية، وعلى الرغم من تلك الجهود الجديرة بالثناء ما زال يتعين عمل الكثير، حيث إن الأرقام والمشاهدات تثبت أن هذه الآفة في تفاقم مستمر جعل من انتشارها ظاهرة واضحة المعالم تستدعي تحركاً جماعياً عاجلاً وجاداً لمنع تفاقمها بشكل أكبر.

كل يوم هناك ضحايا جدد من المغامرين والمحبطين والمراهقين وحتى الناس البريئة، فبعض المروجين الخفيين يصفونها كعلاج نفسي أو مهدئ لأوجاع المعدة ما يقود للإدمان فيما بعد، وغالباً غياب الاهتمام الأسري الذي قد يأتي لاحقاً بعدما وقعت الفأس في الرأس!

مسؤول في وحدة لعلاج وتأهيل مدمني الكحول والمخدرات قال لي إنه يتلقى أسبوعياً أكثر من 20 طلباً من أولياء الأمور الذين يأتون خصيصاً ليفحصوا أبناءهم من المخدرات لشكوك تدور حول سلوكهم.

أخبرني أيضاً عن معاناة الأهالي ومئات القصص الممزوجة بالأوجاع والآلام التي تمخضت بسبب رفقاء السوء والغفلة المسيطرة على نفسيات الجميع.

بل إن الأسوأ من ذلك واقع المتعاطي الذي أصبح يعيش بين الناس كالطيف لشدة هزال روحه وسقمها! لا الأرض تقبله ولا النوم يقبل عليه، أحشاؤه تتدافع من جوفه كلسع السياط، يتقلب من وجع إلى وجع، ويمسي حاملاً رأسه بين كتفيه، ينتظر الخلاص! فيصبح المنزل وكراً للموت المشبوه بسبب الجرعات الزائدة، وينتفي عن العائلة حق السؤال عن سبب الوفاة!

آلامٌ كثيرة لا يسعنا سردها هنا، وأرواح تائهة في غياهب القدر، تستلزم شحذ الهمم وتضافر الجهود، والتذكير المستمر بأن التبليغ والتسليم والجهر بكل ما نراه أو نسمع عنه فوراً مسؤوليتنا جميعاً. وهي مسؤولية شاملة أساسها التعاون المجتمعي.

[email protected]