وكأنه الأمس، حين أتذكر يد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وهي ترفع عاليا وثيقة ميثاق العمل الوطني.

مرت 23 عاماً، ويا لها من حقبة زمنية لا يُستهان بها. مر عقدان ونيف من الزمن، ومازلنا نتذكر تلك الاحتفالية التي أعلن فيها ملكنا الغالي بدء العمل بالميثاق الذي صوت عليه 98.4% من شعب البحرين تصويتاً كان أساسه الثقة المطلقة بهذا الرجل الذي عاهد الله وشعبه بأن يضع البحرين وأهلها في عينيه ووسط قلبه.

نعم، الملك حمد بن عيسى، الرجل الذي جاء ليغير خارطة البحرين بأكملها، جاء بمشروع إصلاحي متقدم، لا يأتي به إلا رجل شجاع مقدام، هدفه رضا ربه، ومن ثم مصلحة بلده وأهلها.

مازلنا نتذكر التصويت الرهيب، والزيارات الغالية التي قام بها جلالته، وكيف أن الناس خرجوا إلى الشوارع سعداء، فها هو ابن البحرين البار الملك حمد بن عيسى بين ظهرانيهم، يزورهم ويتجول في مناطقهم، إلى درجة أن الناس كادوا يرفعون سيارته عن الأرض احتفاء به.

أسترجع الشريط هذا كله، وأقول كم مضى بنا العمر، نحن جيل عايش حمد بن عيسى وليا للعهد، ومن ثم ملكاً قديراً يمثل امتداداً لوالده الراحل العظيم صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في طيبته وكرمه وحبه للبحرين وأهلها، وهو العهد الذي أسسه جلالة الملك المعظم حتى قبل إطلاق الميثاق، عهد «حب ووفاء وعهد» والد حنون بينه وبين شعبه.

عقدان وأكثر، والبحرين تطورت ونمت وكبرت في جميع الجوانب. أبناؤنا الصغار الذين لم يروا تلك الملحمة في يوم التصويت الشهير، هم يعيشون اليوم أجواء احتفالية بحدث كانوا يتمنون أن يكونوا فيه. جيل فتح عينه على «المشروع الإصلاحي لجلالة الملك»، جيل محظوظ بأنه وجد وقد أرسى هذا الملك الشجاع أسس الدولة المدنية الحديثة، وفتح الأبواب على مصاريعها، فأعاد الحياة البرلمانية ودعم الحريات، وحمى حقوق الإنسان، وبات للرحمة والأبوة مثالاً ونموذجاً.

أخبروا أبناءكم الذين كبروا وباتوا شباباً، أخبروهم عما فعله حمد بن عيسى حينما كان وليا للعهد، وحينما تولى الأمانة في عام 1999، أخبروهم كيف كانت شجاعته وجرأته ليغير كل شيء، وليدخل البحرين في أطوار غير مسبوقة، ويبدأ معها عهدا زاهرا فيه من الطموحات ما يقارع التحديات.

هذه الملحمة التي يجب أن يعرفها أجيالنا لأنهم هم المستقبل وامتداده، ملحمة كان «عرابها الملك حمد بن عيسى، وكان أبطالها شعب البحرين، ملحمة ثبتها التاريخ بحروف من ذهب في الرابع عشر من فبراير كل عام، هي ملحمة جاءت لأجل البحرين وشعبها، ملحمة قال فيها البحرين قاطبة «نعم»، لأن من سألها وسأل شعبها وطلب ثقتهم ومعاضدتهم ليس سوى «ملك القلوب وملك الإنسانية»، فلأجل حمد ولمستقبل بلادنا الغالية قلنا «نعم»، وسنظل نقولها للأبد.

حفظ الله بلادنا الغالية، وملكنا الإنسان، وشعبها الطيب، وكتب لها الخير والمستقبل الزاهر بإذنه.