عندما قررت السفر والانخراط في رحلة جزيرة لامو، أخبرت الدكتور عيسى أمين بذلك، وظننت أن هذه الجزيرة مغمورة ولن يعرفها، ولكنه فاجأني عندما أوصاني بوصية غريبة، كانت تلك الوصية هي أن ألتقط صوراً لأبواب البيوت والأماكن في مختلف بقاع الجزيرة، ولمختلف المنشآت، كالبيوت والمحلات، والمساجد، وعندما سألته عن السبب قال إني سأعرف السبب مع أول خطوة في الجزيرة، وفعلاً هذا ما حدث!

لقد كانت الأبواب في جزيرة لامو مشابهة جداً للأبواب البحرينية القديمة وهذا ما صدمني، فلقد كانت النقوش وطريقة نحت الخشب تكاد تكون هي في بعض الأبواب، مع حداثة المواد المستخدمة اليوم والآلات الحديثة المستخدمة في النجارة، ومن المعلومات التي أخبرني بها الدكتور أن الصناديق المبيتة كانت أيضاً تأتي من جزيرة لامو لجودة صناعتها وجمالها.

وفعلاً شرعت في التقاط صور للأبواب في شتى أنحاء الجزيرة الجميلة «شيلا» والتي تتميز بأزقة ضيقة لا تكفي لأكثر من شخص في بعض الأماكن، ولا توجد وسيلة للتنقل غير المشي أو «الحمير» بالنسبة لأهل الجزيرة، وخلال جولة التصوير لاحظت أيضاً أن الطراز المعماري كذلك مشابه للبيوت البحرينية القديمة، ولهم أشكال مختلفة من «البادكير» الموجودة في العمارة الخليجية، والبادكير يسمى بـالملقف الهوائي، وهو عبارة عن ملقف مفتوح على أربعة اتجاهات ليكون مدخلاً للهواء من أي اتجاه، ويمكن تبريد الهواء القادم من هذا الملقف عن طريق وضع وعاء فخار مسامي ممتلئ بالماء بداخله، كما أن هناك أشكالاً متعددة لهذه الملاقف الهوائية، ولكن الشكل المربع هو أكثرهاً شيوعاً في العمارة الخليجية، بينما كانت هناك أشكال مختلفة في جزيرة لامو، وبعضها حائطي وآخر بشكل سنطواني.

كما لاحظت أن هناك الكثير من البيوت التي بنيت باستخدام المرجان البحري، كما كان يفعل آباؤنا في السابق في المنطقة، فلقد جمع أجدادنا صخور المرجان الدائرية الشكل من قاع البحر وأحضروا المرجان إلى الساحل، حيث يتعرض لأشعة الشمس ليجف، وحينما يجف يصبح صخراً خفيف الوزن يمكن تشكيله بالطريقة المناسبة، فقد بنى آباؤنا وأجدادنا في الخليج بيوتهم من تلك الصخور المرجانية التي هي أصلاً بيوت ذلك الحيوان المائي، ولكن صدر منع من الحكومات بضرورة المحافظة على الشعب المرجانية لدورها الكبير في حماية الحياة البحرية فتوقف استئصالها من المياه لأغراض البناء إلا في ظروف علمية معيّنة.

كان هناك تشابه كبير بين تلك الجزيرة الصغيرة وجزيرتنا الجميلة، فعند زيارتها ستشعر بأنك في البحرين في بدايات القرن، الحياة الساحلية البسيطة، والناس «الشرحة» ونسمات الهواء العليلة التي تأتيك من المحيط، في أجواء استوائية جميلة جداً.