القدوة وما أدراك ما القدوة.. إن التمييز بين الخطأ والصواب هو أحد أكثر الأمور إلحاحاً في حياتنا، لأن كل منا يرى أنه على حق أو صواب، والكيل بمكيالين أو المعايير المزدوجة قد تقضي على جميع الجهود المبذولة في جميع المجالات وبالأخص التعليم والتربية.

بشكل عام، يمكن أن يلعب التعليم بالقدوة دوراً هاماً في تشجيع الأفراد على التطور والنمو الشخصي، لأهمية ذلك في تعزيز القيم والمبادئ الإيجابية في المجتمع. وعندما نقول شيئاً ونعمل بعكسه بمعايير مزدوجة فإن ذلك يضرّ بالمصداقية أو انعكاس صورتنا الذهنية لدى الآخرين وثقتهم بنا، بمن فيهم الطفل حتى وإن كان في مرحلة الروضة فالظن بأنه لا يدرك التصرف ولا ينتبه له فكرة خاطئة تماماً.

في السلك الأكاديمي بشكل خاص، تعتبر القدوة الحسنة التي يطلقها المعلم نحو طلابه من الأسباب المهمة التي تدفع الطالب نحو التفوق ولها أثر كبير في بناء وتكوين شخصيته، وعندما تأخذنا العزة بالإثم ونرفض المساءلة عن خطأ قمنا به تجاه الطالب، فإننا نعلمهم الازدواجية بالقدوة. وعندما نعاقبهم على التأخير عن موعد المحاضرة وفي المقابل لا يلتزم المُحاضر بوقت المحاضرة، يجعل الطالب يتوه بين التوجيهات والأفعال التي تأتي على أرض الواقع ونعلمهم الكيل بمكيالين وهكذا، متى يتعلم التلاميذ الكيل بمكيال واحد إذا كانت مثل هذه الممارسات تقع كل يوم في المدرسة، في الجامعة، في المنزل، وفي المجتمع؟

فالمعلم يمكن أن يستخدم القدوة كوسيلة للتأثير على الطلبة من خلال إظهار السلوكيات الإيجابية التي قد يطمحون إلى التحلي بها، فعندما يرى الطالب ما يعجب به من سلوك أو سمة معينة في مُعلمه، يمكن أن يلهمه ذلك لمحاولة فعل الشيء نفسه. ومن أساسيات الأعمال الموكلة للمعلم هي التوجيه والإرشاد، وذلك يمكن توفيره من خلال نماذج القدوة، حيث قد يطلب الطالب المشورة من قدوته "أو مُعلمه" حول كيفية التعامل مع المواقف الصعبة، وبذلك يمكن تحفيز الطلبة لتحسين سلوكهم ومهاراتهم وقدراتهم، مما يؤدي إلى تأثير إيجابي على تطورهم الشخصي ونموهم.

وهناك عدة طرق للعثور على قدوة حتى لو لم تكن موجودة في بيئتك المباشرة، حيث يمكن للفرد قراءة السير الذاتية للأشخاص الذين حققوا النجاح في مجالات تخصصهم ومحاولة السير على خطاهم، ويمكن أيضاً مشاهدة الأفلام الوثائقية أو البرامج التلفزيونية الحوارية التي تسلّط الضوء على حياة الأشخاص الناجحين، فهذا يمكن أن يساعد على فهم رحلاتهم والتعلّم من تجاربهم.

وتذكر أن القدوة تأتي في جميع الأشكال والأحجام. لا تقصر نفسك على الأشخاص الذين تراهم في حياتك اليومية فقط.

* عضو هيئة التدريس في جامعة البحرين