كل دولة في العالم تمتلك سجوناً ومراكز للتوقيف، وهي أجهزة تأتي تحت مظلة الأنظمة الأمنية، وعملها يرتبط بالنظام القضائي والأحكام الصادرة بحق مرتكبي الجرائم والجنايات والجنح بتنوعها واختلافها.

هذا جانب التشابه بين الدول، لكن الفارق يكون بكيفية الإدارة واستخدام هذه المرافق، وكيف تُحقق الأهداف الموضوعة عبر المخرجات المنشودة من تأسيس هذه الأجهزة.

وهنا نتحدث تحديداً عن «كسر الروتين ونمطية العمل»، أي أن السجون في البحرين اليوم لم تعد فقط مواقع للحبس وتقضية أحكام العقوبات، بل قبل ذلك هي مراكز إصلاح وتأهيل، ومكان تتنوع فيه الأنشطة والبرامج التي تستهدف «إصلاح» النزيل وإعداده من جديد ليواجه العالم، كشخص آخر يتم تأهيله ومساعدته على تصحيح مساره.

«الإصلاح والتأهيل» مبدأ تنتهجه البحرين منذ زمن طويل، وبات كثيرون في الخارج يعرفون ذلك، ولم يعد مقصوراً على المواطنين والمقيمين، إذ إن قصص النجاح التي حققتها العملية التي تقوم عليها وزارة الداخلية وصلت لمتابعة الخارج واعُتبرت مملكة البحرين نموذجاً يُحتذى في هذا الجانب.

هذا الدور الذي دائماً ما نلفت عناية المجتمع الداخلي والخارج له، إذ وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية في البحرين، لا يجب أن يُنظر لها إلا بصورة شمولية، تبرز جهود أفرادها في شأن تثبيت دعائم الأمن والتصدي للإرهاب والجريمة. بموازاة ذلك يبرز دورها كـ«مؤسسة إصلاحية» تعمل على مساعدة من ينحرف مساره ليعود ويصحح أموره، ولتنجح الجهود في «صناعة مواطن صالح» من خلال تذكيره بأهميته بالنسبة لوطنه الذي يقف معه ويساعده، إن هو امتلك النية للاستفادة من الفرص الثانية.

مربط الفرس ليس هنا، بل معني في خطوات متقدمة قامت بها البحرين عبر وزارة الداخلية، وذلك بتطبيق مشروع «السجون المفتوحة»، والذي جاء ضمن الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة (بحريننا)، والذي أساسه المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.

هذا المشروع -أي السجون المفتوحة- مقرون أيضاً بمشروع العقوبات البديلة، وهما خطوتان رائدتان متكاملتان للبحرين في مجال حقوق الإنسان وتعزيز قيم الإنسانية واستخدامها كوسيلة لإصلاح الأفراد، وكيف أنهما يطبقان بأساليب تفتح مجالاً كبيراً للحرية بالنسبة للمحكومين والنزلاء، والدفع بهم لخدمة المجتمع، وتحويلهم لعناصر مؤثرة مجتمعية حتى وهم يقضون فتراتهم.

الإنجاز تمثل اليوم باعتماد أقدم جهة رقابية دولية تشرف على مراكز احتجاز النزلاء، وهي الجمعية الإصلاحية الأمريكية، باعتمادها للمساكن المجتمعية التي تخص السجون المفتوحة التي دشنتها وزارة الداخلية، في إنجاز دولي إنساني يضاف لمملكة البحرين، خاصة وأنها أول جهة من خارج الولايات المتحدة تحظى بهذا الاعتماد، وبعد اجتياز بلادنا لـ137 معياراً دولياً معتمداً معنياً بحقوق الإنسان.

المميز أن برنامج السجون المفتوحة البحريني، حصل على الاعتماد في فترة قياسية بعد عملية تدقيق قامت بها الجمعية، ويأتي النجاح في ذلك إلى العمل الاحترافي الذي تقوم به وزارة الداخلية ومنتسبوها، والقائمون طبعاً على مشروع السجون المفتوحة والعقوبات البديلة، وذلك عبر الالتزام بكافة المعايير العالمية في مجال التأهيل وإعادة الإدماج والحرص على صون وكفالة حقوق الإنسان بالنسبة للمحكومين.

هذه هي البحرين تعمل وتنجز ويشاد بها، وفي أي مجال؟! في مجال حقوق الإنسان وتأهيل النزلاء والمحكومين، ومنحهم فرصاً للإصلاح ومساحة للحريات رغم الأحكام. هذا المجال الذي يرى العالم المحايد والمتزن كيف تطورت وتفوقت فيه البحرين، وكيف أن هذه الخطوات الإصلاحية تدحض الافتراءات والادعاءات التي «يفتي» و«يبتكر» و«يخترع» بشأنها العاملون من الخارج ضد بلادنا، ويمضون لتشويه صورتها بالكذب والفبركة ونسج القصص والمبالغات.

مبروك للبحرين ملكاً وحكومة وشعباً هذا الإنجاز وهذه الشهادة المستحقة، والشكر والتقدير لجهود الرجل القوي معالي وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وكل الرجال البواسل الأبطال العاملين معه في وزارة الداخلية التي ندين لها ونفخر بها دوماً.