هو رزق وتوفيق من الله عز وجل عندما تترنم في محطة حياتية معينة ببعض المفاهيم الجميلة التي كانت منزوية عنك على هامش الحياة في فترات طويلة من حياتك. وهي ذات الرزق الذي كنت تسعد به بلا أن تشعر في مواقف حياتية مضت من عمرك. فما زال أثر المُنتج الجميل الذي كان وليد فكرة إلهام معينة يرن في خلدي كلما فكرت أن أبدأ بمشروع جديد أو أكتب سطور مقال آخر ضمن مقالات «المسير». مُنتج «حكايتي» ما زال الأثر الجميل البائن في خطوات المسير، وما زلت على يقين بأنه حكاية مُستدامة لها الأثر الخالد في حياة كل فرد يريد أن يجدد طاقته الإيجابية، وبخاصة أننا على أعتاب عام ميلادي جديد، يجدر أن ننطلق من خلاله انطلاقة مُثلى ومُزدهرة في تحقيق الإنجازات المُستدامة بأثر خالد جميل، وعطايا جميلة من رب العالمين.

من هنا نبدأ حكاية مصطلح جديد يجب أن يُدرس وتكون له الأصداء الواسعة في تتبع نتائجه على المدى القريب والبعيد، إنه مصطلح «الإدارة بحكايات الأثر» فلم تعد الإدارة الفلسفية القديمة بأسلوبها التقليدي مُجدية في تحقيق الأثر المستدام، وفي الخروج بمخرجات نوعية في تحقيق الفائدة القصوى المرجوة من الأعمال، وفي تفعيل منظومة العمل التقليدية التي أضحت في بعض المواقع مجرد (تراث) يسير العاملون على أثره بمقتضى (وإنا على آثارهم مهتدون). عندما أتبادل مع بعض الموظفين أحاديث العمل، أحرص حينها على تخليصهم من ثوب قديم اعتادوا أن يُبادلوا الآخرين مشاعرهم من خلاله، وهو ثوب «ثوران المشاعر» التي تبرز فيها الأحاديث الثورية للمشكلات وتصيد العثرات وتضييع الوقت في مناقشة «فلسفية المواقف» العقيمة، دون التفكير «بأثرها» أو الحل الناجع لعودة نجاحها وبرزوها من جديد. المواقف لا تُبنى على المُصادمات أو تحقيق أغراض نفسية معينة، أو «حب البروز النرجسي» على حساب تحقيق النجاحات للعمل المؤسسي برمته. إنما تُبنى على إيجاد مسارات مُتعددة ومساحات واسعة لتحقيق معاني الأثر والنجاح المطلوب، والتفكير في الحل بدل من الخوض في أصداء المشكلة.

حكاية أثر الموظف في عمله لو أحسن إدارتها بأسلوب جديد قائم على أثر المواقف الإيجابي، فإنه سيحقق بلا ريب إنجازات وتقدم ملحوظ في أدائه وفي وتيرة تقدمه. قد تختلف المواقف من بيئة عمل إلى أخرى، ولكن بواطن القيم لا تختلف لو أحسنا النظر إلى ذواتنا وأصلحنا ما بداخلها وأخلصنا النيات والصدق مع الله عز وجل. حكايتك برسالة تكتبها قبل بداية عام جديد تصر على أن تكون النجم البارز في محيط عملك، بأن تحافظ على أوقات عملك فلا تضيعها هدراً في مهاترات الأحاديث، والجلسات الفارغة، وأن تكون فاعلاً في كل لحظة تقضيها بأداء مهامك، وأن تضيف عليها رتوش الجمال حتى لا تخرج تقليدية كما كانت، وتحمل على كاهلك «مشروع خارج الصندوق» فأنت حينها تضفي على أدائك صورة مغايرة عن تلك التي عرفت عنك. فاليوم الذي لا تحس أنك قدمت أي إضافة إلى عملك، فإنك حينها مجرد (آلة تقليدية) يتم تشغيلها كل يوم لتؤدي عملها الروتيني الممل. إدارتك للمواقف يجب أن تقوم على استراتيجية (الفوز بالأثر) وليس (الفوز الذاتي) والانتصار للنفس على حساب مصلحة العمل، الفوز بأثر الأعمال واستدامتها وانتشارها في المجتمع، وبخاصة إذا كنت عاملاً في بيئة تتعامل مع المجتمع، فأنت حينها تمثل سمعة المؤسسة التي تعمل فيها. ابتسامتك حينها أثر، وأسلوب ردودك أثر، وأسلوب علاجك لمشكلات المستفيدين أثر آخر يضاف إلى رصيدك. تصوروا لو كل موظف استشعر قيمة هذه المفاهيم لخرج كل يوم برصيد متميز من ملامح الأثر، وسيخرج بفصل جديد في حكايته، وسيكون مُلهماً في حياة الآخرين، واسماً لامعاً في محيط عمله.

إنك حينها ستحكي حكاية نجاحك لكل من تقابله، وسيكون المنتج الذي تحمله بسعر باهظ لا يمكن أن يُشترى لسبب بسيط، لأنك تحمل (جوهر الأثر) الذي سيتجذر في فؤاد كل من يشاركك خطوات المسير. آن الأوان لكي تتحدث عن مشروع «حكاية أثرك 2024» لأنك ستحمل في ذاكرتك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». فهذه هي حكاية الأثر التي اختصرها نبي الأمة وحبيبنا صلى الله عليه وسلم.

ومضة أمل

احرص على أن تكون مُديراً فاعلاً في كل موقف تمر به في عملك أو خارج عملك، وأن تقيسه بمقياس الأثر (الإيجابي) الذي يعود بالنفع عليك وعلى مساحات واسعة من حياتك، وتزنه بميزان (مرضاة الله تعالى) وشعار (ربي أولاً). حينها ستكون مؤثراً من الطراز الرفيع.