سألني صديق: هل صحيح أن الزواج ينفي الفقر؟

فرددت عليه: وماذا أنت معتقد؟

قال: أظن أن الزواج جالب للفقر والمشاكل وكثرة المصاريف بسبب الأسرة والأولاد والالتزامات المترتبة عليه من توفير مسكن وملبس ومأكل ومشرب.

فقلت له: إذا كان القصد من الزواج تكوين الأسرة المسلمة الصالحة، فإن الزواج ينفي الفقر، ويغني الله الزوجين من فضله سبحانه وتعالى.

قال: وما الدليل على ذلك؟

قلت: الأدلة على ذلك كثيرة نذكر منها قوله تعالى: «وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ».

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «التمسوا الغنى في النكاح».

وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى».

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «عجبت لرجل لا يطلب الغنى بالباءة، والله تعالى يقول في كتابه: «إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ»».

إذاً فالزواج من الصالحين والصالحات ينفي الفقر بلا شك لأن الله سبحانه وتعالى جعل الزواج آية من آياته في قوله سبحانه: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون».. فالزواج آية بل آيات فهو سكن ومودة ورحمة وانتشال من الفقر إذا كان الهدف منه ليس نزوة عابرة تنتهي بطلاق سريع، أو مصلحة خاصة تموت بزوال المصلحة.

أما إذا سألتني: لماذا امتلأت قاعات المحاكم الشرعية اليوم لدينا وعند غيرنا بقضايا الطلاق والخلع والنفقة والرضاعة؟ ولماذا تحولت هذه النعمة إلى كابوس خطير لدى الآلاف من الأسر والعائلات؟ لأجبت لانحراف الهدف عن المقصد الإلهي من الزواج وهو تكوين الأسرة المسلمة الصالحة التي تكون لبنة في المجتمع المسلم الصالح، فانقلبت النعمة إلى نقمة، وانقلبت الآية إلى رواية تحكي الشقاء والبؤس بين زوجين لم يعرفا قيمة هذه النعمة وسمو هذه الآية.