عندما يكون للإنسان وطن يحتضنه، ويعيش في كنفة، وتسكن في كل بقعة منه ذكريات طفولته وصباه، وعلى أرضة يجتمع مع أهله وأحبته، يكون قد رزق أفضل النعم، فبدون الوطن يتجرع الإنسان مرارة الغربة، ويتعطش لمشاعر الاستقرار والأمان، فمن كان له وطن فقد رزق بنعمة من الله تستحق الحمد والشكر، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»، «سورة إبراهيم: الآية: 7». فالشكر على نعمة الاستقرار والأمان في الوطن أمر واجب علينا.
ومن دواعي شكر الله تعالى على نعمة الاستقرار في الوطن التعبير عن حب الوطن وإبداء الرضا وعدم التذمر من النواقص وتناسي الإيجابيات، وللتعبير عن حب الوطن طرق مختلفة، ومنها الأغنية الوطنية وهي موضوع حديثنا اليوم، فالأغنية تتكون من ركيزتين أساسيتين هما الكلمات واللحن، فعلينا أن نعبر عن حبنا للوطن وتقديرنا لقيادة هذا الوطن وكل ما تقدمه للمواطنين وللمقيمين على حد سواء بالكلمات، والألحان التي تزيد الكلمات معاني. ولكن هناك نوعان من الأغاني الوطنية، فمنها الأغاني التي القصيرة التي تتكرر فيها الجمل الموسيقية، ومنها الأغاني الطويلة وهي عبارة عن قصيدة من عدة أبيات تلحن وتغنى.
والأغنية القصيرة ذات الجمل الموسيقية المتكررة تتميز بسهولة حفظها، ويسهل على المواطنين ترديدها في المناسبات، وتبقى في ذاكرة الناس فترتبط بالمناسبات الوطنية السعيدة، فتعزز مشاعر الحب وتعبر عن المشاعر الوطنية في قلوب الجميع، ليصبح الوطن أغنية في القلوب، وكلما رددها الناس في المناسبات، وتراقص على أنغامها الصغير والكبير، كما أنعش في قلوب الناس معاني المواطنة وتحولت إلى أفعال ومواقف.
وهنا أرى ضرورة دعم الأغاني الوطنية وأخص الأغاني القصيرة، بنشر القديم منها وإعادة إذاعتها في وسائل الإعلام الرسمية منها والاجتماعية، وإعادة إخراجها وطريقة تقديمها لتظل تتناقل عبر الأجيال، وذلك تقديراً لجهود كل من شارك في إنتاجها سواء كان مغنياً أو ملحناً أو كاتباً لكلماتها، كما أرى أهمية دعم إنتاج أغانٍ وطنية جديدة يسهل حفظها وترديدها في المناسبات الوطنية، وفي الحفلات الاجتماعية وفي جميع المناسبات، وقد أعجبتني ممارسة عفوية وجميلة يقوم بها الكثير من الفرق الفنية التي تحيي الأفراح الاجتماعية الخاصة كمناسبات الزواج وأعياد الميلاد، فتختتم جميع حفلاتها بأغنية وطنية مشهورة وقد أحبها الناس كثيراً وارتبطت بمشاعر وطنية عذبة والتي يقول مطلعها:
دار أبو سلمان شمس ما تغيب
عم فيها الخير كله والسلام
فتتحمس الحاضرات ويستمتعن بها على كلماتها الملحنة بحماس، حماساً يعبر عن فيض مشاعر الحب للوطن، فدعونا نحيي مشاعر حب الوطن في القلوب بأغانٍ وطنية نتغنى بها دائماً وتعزز مشاعر المواطنة لدى الجميع.. ودمت يا وطن سالماً.