على مدى أكثر من أربعين عاماً؛ مثل مجلس التعاون لدول الخليج العربية نموذجاً مضيئاً في العمل الوحدوي العربي، بل يمكنني أن أجزم أنه النموذج الوحيد الذي حافظ على تماسكه ووحدة قراره، رغم ما قد ينشأ بين دوله من اختلاف في وجهات النظر أو تعدد الآراء في بعض القضايا.

وأجزم مرة ثانية أن إيمان أبناء المجلس بوحدة الهدف والمصير؛ وبإيمانهم بأنهم كتلة واحدة متماسكة، جغرافياً وتاريخياً وثقافياً...، كان له الإسهام الأكبر في الحفاظ على مواصلة مسيرة المجلس، والدفع بالكثير من المشاريع والمبادرات المشتركة لترى النور.

وأجزم ثالثة؛ أن نظرة الآباء المؤسسين، رحمهم الله، والتي كانت الرافعة الأساسية لبناء المجلس آمنت بأهمية الوحدة والتكتل في ظل عالم لا يتسع إلا للكبار، فانعكست على مدى أكثر من أربعين عاماً مشاريع وحدوية جامعة ومواقف سياسية واقتصادية وإنسانية، جعلت من المجلس أحد أهم التكتلات العالمية، بما يمتلكه من موقع جغرافي وإمكانيات اقتصادية وقوى بشرية خلاقة، فكان الحضور دائماً لافتاً ومؤثراً في مختلف المحافل الدولية.

ولأننا في البحرين، كنا ولا نزال، من دعاة الوحدة والتكتل لتحقيق مصالح جميع أبناء الخليج؛ فقد احتضنت المملكة أغلب المشاريع الوحدوية الخليجية، فكانت جامعة الخليج العربية، وطيران الخليج، ووكالة أنباء الخليج، وشركة الخليج للبتروكيماويات.. وغيرهم العشرات من المشاريع المشتركة، والتي مثلت النواة الأولى لانطلاق مؤسسات اقتصادية وثقافية اجتماعية في كل دولة من دول المجلس، بل وأمدت المؤسسات الجديدة بالإمكانيات والخبرات البشرية المؤهلة.

واليوم؛ ومع التئام أعمال الدورة الرابعة والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على مستوى القادة في العاصمة القطرية، الدوحة، يتجدد الأمل بمرحلة جديدة من العمل الخليجي المشترك تواكب ما يشهده الإقليم والعالم من تطور وأحداث متسارعة، وما تخلفه من تهديدات أمنية وسياسية واقتصادية، ما يستدعي ضرورة وحدة الموقف والتعاون لحماية أمن واستقرار المنطقة والحفاظ على مكتسبات أبنائها.

البحرين وهي تشارك اليوم في هذا الاجتماع؛ تنطلق من رؤية صاحب الجلالة الملك المعظم، بأن وحدة الهدف والمصير المشترك مع الأشقاء في دول الخليج هو خيارها التاريخي، عملت وستبقى تعمل عليه، وصولاً إلى اتحاد كامل يجمع كل أبناء الخليج.. فالدم الواحد والتاريخ المشترك والروابط الأخوية ستبقى تجمعنا.. وإلى الأبد.

إضاءة

«ومن واقع بأن عالمنا لا يستمع إلا لصوت التحالفات القوية والمؤثرة في مسيرة التقدم الحضاري، تتواصل مساعينا في توثيق علاقات التقارب والتكامل وتنسيق المواقف على قاعدة راسخة من الانسجام والتشاور والتعاون الأخوي، تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وضمن رابطة الجامعة العربية، وهو أمر لم ولن نتوقف يوماً عن دعمه، وخدمة مصالحه، تحقيقاً لتطلعاته من أجل خير ورفعة دول وشعوب المنطقة». «حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه».