يعتبر التعليم الجامعي أحد أساليب إعداد الشباب لسوق العمل، وعادة ما يتصف التعليم الجامعي بالدراسة الأكاديمية المعتمدة على تنمية المعارف، والمهارات لدى الشباب، ومما لاشك فيه فإن تعزيز قدرات الشباب وتنمية إمكانياتهم وتهيئتهم للدخول في سوق العمل يساعد على تمكينهم واستثمار طاقاتهم بالشكل الصحيح، فعندما يتخرّج الطالب الجامعي يجد نفسه أمام الخيارات الثلاثة، فإما إن يتوظف في وظيفة حكومية، أو في وظيفة في القطاع الخاص، أو أن يكون في قائمة رواد الأعمال فيبدأ مشروعه التجاري كأحد المشاريع الصغيرة، وهنا تأتي أهمية تدريب الشباب وإعدادهم لتمكنهم من النجاح في الدخول في مشاريع تجارية واستثمارية.

وقد استوقفني طرح في أحد المؤتمرات للدكتورة يسرى المزوغي رئيسة الجامعة الملكية للبنات حول دور المرأة وأهمية تمكينها في مجال ريادة الأعمال، حيث ترى الدكتورة أهمية دخول المرأة في مجال ريادة الأعمال في سن مبكر أي بعد التخرّج من الجامعة مباشرة، فالدخول المبكر في مجال ريادة الأعمال له أهمية في بناء خبرة تراكمية لدى المرأة. وهذا ما تقدمه الجامعة الملكية للبنات من برامج تنمية مهارات ريادة الأعمال لدى الطالبات.

وعندما تقوم بجولة في الحرم الجامعي تجد أن عدد ورش العمل بالجامعة أكثر من عدد الصفوف الدراسية، وتلاحظ أن الطالبات يقضين ساعات دراسية في ورش العمل أكثر من الساعات الدراسية التي يقضينها في الصفوف الدراسية النظرية، وتختلف تخصصات الورش فهناك ورش متخصصة في مجال الأزياء سواء أكان في مجال التصميم، أو الخياطة حيث تضم الورشة أنواعاً عدة من مكائن الخياطة، أو صناعة الإكسسوارات والمجوهرات وتصميمها، كما تضم برامج حاسوب في مجال تصميم الأزياء، كما تجد ورشة للتدريب على مهارات الرسم بأنواعه، علاوة على الرسم والتصميم باستخدام برامج الحاسوب. وورش للتصميم الداخلي. وتلك التخصصات هامة للطالبة لتساعدها على الدخول في سوق العمل، كما تهمها للحياة فهي تُكسِبُها مهارات حياتية تحتاجها كل طالبة، وهذا ما نريد أن نركز عليه وهو بأن مخرجات التعليم لا يجب أن تقتصر على الإعداد لسوق العمل بل الإعداد للحياة بصور عامة.

وحيث إن التهيئة للدخول في ريادة الأعمال لا تقتصر على مهارات صناعة المنتج فقط بل تحتاج رائدات الأعمال إلى مهارات أخرى مساندة مثل: مهارات القيادة، ومهارات إدارة الأعمال، والإلمام بالقوانين والتشريعات، ومهارات استخدام الحاسوب، لذا تجد أن الطالبات يخضعن لهذا النوع من البرامج الدراسية. إن نظرة المزوغي المستقبلية لسوق العمل بأن فرص العمل والإنتاج ستكون في مجال المشاريع الصغيرة بالدرجة الأولى، لذا على الشباب التفكير بجدية في بدء حياتهم المهنية مبكراً والدخول في استثمارات صغيرة.

وفي تقديري أن مثل هذه البرامج والتي بطبيعتها تساعد الطالبة على الإنتاج، لا تعتبر إعداداً لسوق العمل فقط، بل هو إعداد للحياة، فهذا النوع من البرامج التدريبية الدراسية التي تعتمد على تأهيل الطالبات للإنتاج تؤهل للحياة، ومن هنا تتغير فلسفة التعليم من الإعداد لسوق العمل إلى الإعداد للحياة، فكم هو جميل أن يستفيد الطالب مما يتعلمه في الدراسة الجامعية للحياة، فكثيراً ما نسمع الشباب الذين اضطروا في العمل في وظائف خارج تخصصاتهم، يتحسرون على جهودهم التي ضاعت في الدراسة ولم يستفيدوا منها في مجال العمل ولا في مجال الحياة. فمخرجات التعليم يجب أن تكون للحياة أولاً ثم للعمل.. ودمتم سالمين.