بعد السابع من أكتوبر ومنذ أن بدأ القصف الإسرائيلي لغزة سارع جمع غفير من الناس في الدول العربية إلى مقاطعة السلع المستوردة من دول أعلنت تأييدها ودعمها لإسرائيل. لكن، يغفل أو يتغافل المقاطعون أن من أدخل هذه السلع إلى بلدانهم هم تجار محليون «منهم وفيهم» وأنهم -أي التجار المحليين- هم أول المتضررين وأول الخاسرين من المقاطعة.

فالتاجر المحلي الذي استورد بضاعة من دولة «مغضوب عليها» حالياً، دفع كامل قيمتها للمصنع في البلد الأجنبي وأي مقاطعة للبضاعة الموجودة على الرفوف في الأسواق المحلية العربية سيتكبدها التاجر المحلي وحده. والمثال نفسه ينطبق على من حاز على الامتياز التجاري لمقهى أو مطعم أجنبي، فالشركة الأم حصلت على نقودها منذ توقيع عقد الامتياز ومن المستبعد أن يصيبها ضرر كبير إذا لم يحقق المقهى أو المطعم الموجود في بلد آخر عائداً لها خلال شهرين أو ثلاثة أو حتى أكثر من ذلك نظراً لضخامتها وقدرتها على امتصاص تراجع المبيعات لفترات طويلة، لكن من سيتكبد خسائر جمة الآن هو صاحب حق الامتياز، أي التاجر المحلي.

وأعلم أن المشاعر ملتهبة ومتأججة وأن إحدى طرق التعبير المتاحة لدى المستهلك العربي هو الابتعاد عن أي بضاعة وخدمة تحمل ختم بلد يتعاطف مع الهجوم الإسرائيلي على غزة ولا يلام في ذلك. لكن من الضروري الانتباه إلى وضع التاجر المحلي خاصة إذا كان من التجار الذين حملوا على عاتقهم توظيف أبناء البلد. فلن يلام التاجر المحلي أيضاً إذا قرر التخلي عن الموظفين المحليين إذا استمرت المقاطعة وزادت خسائره.

ومن جانب آخر، على المستهلك العربي المقاطع إذا أراد أن يكون مقنعاً وجاداً فعلاً في مقاطعته أن يبتعد عن اقتناء التلفون والكمبيوتر واللابتوب واستخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي ومنصات الأفلام وأدوات التكنولوجيا الأخرى التي يكون مصدرها بلداناً تتعاطف مع إسرائيل وبإمكانه أن يوقف ابتعاث أبنائه إلى جامعات تلك الدول أيضاً بدلاً من صب جام غضبه على أنواع معينة من البضائع المستوردة فقط أو المطاعم.