السؤال الذي يتوارد في وسائل الإعلام الغربي، كيف سيكون حال محور المقاومة الإيراني بعد إنهاء حماس من غزة؟، وهل فعلاً أن إسرائيل تنوي القيام بذلك؟

في بادئ الأمر، هناك أساسيات، يجب النظر لها بعين واعية ومدركة، حيث إن حماس أسست عام ١٩٨٧ وتعود أصولها إلى حركة الإخوان المسلمين في مصر، وبحسب المصادر المفتوحة فإنها نشطة بشكل كبير منذ الخمسينيات واكتسبت نفوذاً من المنظمات الخيرية والاجتماعية، وهي تتحدى نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية التي اعتبرت بالقمة العربية والإسلامية بالرياض هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.

ومن دون الخوض في التفاصيل، فقد كشفت وول ستريت جورنال أن حماس تلقت أموالاً ضخمة من الإدارة الأمريكية وإسرائيل، وبالتالي فإن قيام حماس بهجوم «طوفان الأقصى» يأتي في وقت كان هناك تفاهمات في منطقة الشرق الأوسط لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية وهذا ما تم نشره على مستوى الإعلام، ولكن النقطة المهمة أن المحللين ذهبوا إلى أن حماس ارتأت أن التطبيع السعودي الإسرائيلي وإيجاد طريق حل الدولتين هو عزل كامل لحماس، وفي الوقت نفسه هناك مؤشرات لتخلي طهران عن تلك الحركة لمصالح النظام الإيراني في المنطقة.

بمعنى أن حماس قبل الهجوم الكبير «طوفان الأقصى» ارتأت مؤشرات بأن إيران نظرت لمصالحها الإقليمية المتمثلة بعلاقاتها الدولية مع المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول لضمان بقاء النظام الخميني على السلطة، فالدليل على ذلك هي التصريحات الإيرانية التي تقول بأن طهران ليس لها علاقة فيما حدث من هجوم في غزة، وبذات السياق هجوم محور المقاومة على تل أبيب لا يتناسب مع الترسانة الضخمة التي وفرتها للأذرع ومنها «حزب الله» اللبناني الذي يملك في خزائنه صواريخ باليستية يصل عددها فوق ١٥٠ ألفاً كأقل تقدير حسبما نقله الإعلام الإسرائيلي والأمريكي على حد سواء.

ومن هنا نصل إلى نقطة مفصلية، أن ما يحدث في غزة يحقق من الأساس المطلب الإيراني في هزيمة حماس في ظل التصعيد الخجول الذي يقوم فيه محور المقاومة، فالمعطيات على ميدان المعارك لا ينبئ بأن حزب لله يسعى للدخول في المعركة، بل إن أغلب الاشتباكات تعتبر حدودية ومحدودة وبذات السياق فإن مليشيا الحوثي يعلم جيداً إذا هدد اليوم الناقلات النفطية والتجارية الإسرائيلية في هذا التوقيت فإن مصيره سيكون مثل مصير حماس وهذا يجعله لا يتجرأ بتنفيذ تهديداته التي من الممكن تغير مسار المعركة.

خلاصة الموضوع، أن ما يجري الآن في قطاع غزة أمر مؤلم ضحيته المدنيين، فمن يفكر بعواطفه عليه أن يراجع الأهداف والمرتكزات التوسعية للنظام الإيراني والأمريكي على حد سواء وسترى أن هناك اتفاقاً محكماً بين واشنطن وتل أبيب وطهران للتخلص من وجود حماس، ولنفي هذه النظرية يتطلب دخول حزب الله بكامل العتاد وتنفيذ تهديدات الحوثي على الناقلات التجارية والنفطية، أما غير ذلك فأن تبقى النظرية قابلة للتطبيق ولا يقبل التشكيك بها، أما مستقبل محور المقاومة بعد التخلص من حماس فإنه سيكون مختلفاً من الناحية التنظيم والأهداف حتى لا يكون مصيرهم كمصير الذين سبقوهم.