في كل أزمة أو كارثة أو حرب، أو غيرها من النكبات، يظهر إلى السطح عدة أنواع من التجار، الذين يحاولون الحصول على أكبر كم من المكاسب، غير مبالين بالحالة الإنسانية العامة لمن حولهم، أو للمنكوبين فعلاً.

أول هؤلاء التجار، الذين يلبسون ثياب المدافعين عن المنكوبين، ويتحدثون باسمهم، رغم أنهم في غالب الأحيان لا يمثلوهم، وليسوا مطلعين بشكل كافٍ على أزمتهم الحقيقية، أو ما يحتاجونه، أو أصل القضية، أو تفاصيلها.

يحاولون تسلق الموجة، والحصول على أكبر مكاسب، سواء شهرة، أو وجاهة، أو حتى نسبة من أنواع الدعم، ويتباكون باسم المنكوبين، وباسم القضية التي يدّعون الدفاع عنها، سواء أكانت قضية سياسية أو اجتماعية أو إنسانية وغيرها.

النوع الآخر، هم المتصيدون في الماء العكر، والذين يلبسون ثياب الوسطاء، أو مفاتيح الحل، ويدّعون امتلاكهم للحلول، ولكنهم ليسوا سوى طبول فارغة، لا يملكون أي مقومات الحل والعقد.

المشكلة المتعلقة بهم، هو أنهم في غالب الأحيان يزيدون الحطب في النار، ويدفعون بالمزيد من الوقود لإشعال المشتعل، ويتسببون بكوارث أكبر.

النوع الثالث هم تجار الحروب، الذين يستفيدون ويعتاشون من هذه الحروب، ويتمنون استمرارها، فهم كالكائنات المجهرية التي تتغذى على جثث الموتى، وتنمو في هذه البيئات، وعدم وجود الجثث يعني فناءهم.

تجار الحروب، يقومون بعدة ممارسات لضمان بقاء الحرب، واستفادتهم منها، وهم إما وجهاء أو سياسيون أو أحزاب أو حتى إعلاميون ووسطاء سلاح وغيرهم.

رأيناهم في عدة حروب وأزمات، يقفون إلى جانب جميع الأطراف، ويتنقلون من طرف إلى آخر.. تتغير ولاءاتهم مباشرة بحسب من يدفع أكثر، ولا مانع لديهم في تغيير جلدهم عشرات المرات في اليوم الواحد، وكل ذلك من أجل المال.

أما النوع الرابع، فهم تجار حقيقيون، يمتلكون المواد الغذائية، وكل الاحتياجات اللازمة للحياة، ولكنهم يرفعون الأسعار إلى خمسة أو عشرة أضعاف عند الأزمة، وهدفهم جمع أكبر نسبة من الأموال، والاغتناء منها، وهم يعلمون أن منظمات الدعم والإغاثة ستدفع مهما كان الثمن.

ما يجمع هؤلاء الأنواع من التجار جميعهم، وغيرهم الكثير، هو أن لديهم القدرة على الحديث، ولسانهم معسول، ويستطيعون جذب الانتباه، ويعرفون من أين تؤكل الكتف، ويجمعون حولهم الكثير من المتابعين والجماهير، ويؤثرون عليهم.

في السابق، كان هؤلاء لا يحصلون على الكثير من الظهور الإعلامي، ولكن الآن، ومع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، حصلوا على مساحة أكبر، والقدرة على جمع المتابعين والجمهور، وهذا بحد ذاته مصيبة، يجب التوعية منها والانتباه لها، وكشف حقيقتهم جميعاً.. ومن وجهة نظري فإن هذا الأمر هو بداية الحل لكل أزمة.