تعتبر منطقة الشرق الأوسط بؤرة المشاريع الاستعمارية التي تسعى لها بعض الدول للسيطرة على هدفين أساسيين وهما مصادر الطاقة وحركة الملاحة البحرية.

وباستعراض هذه المشاريع فهي للأسف الشديد عقائدية فكرية قبل أن تكون استعمارية اقتصادية أو ثقافية، فمشروع بحجم ولاية الفقيه والذي أساسه متفرع من فكر الإخوان المسلمين فهو يمثل حركة موازية للسيطرة على الشرق الأوسط، فالساسة في إيران وغيرها يعملان على نفس الأرضية ولكن بتفاوت بين التصعيد والتهدئة.

بما معنى أنه حينما تتحرك إيران وبتوجيه من علي خامنئي بالتصعيد والفوضى بالمنطقة فإن هناك دولاً أخرى يكون لها أوامرها بأنها تكون مراقبة وبالمثل عندما يتحرك الرئيس هذا أو ذاك، تعمل طهران بدور الصامت، أي أن هناك اتفاقاً بعدم استنكار أو شجب ما تقوم فيه إيران بالشرق الأوسط وكذلك ما تقوم بد دول أخرى من أي أعمال عدائية أو خلق للفوضى.

والأمر الطبيعي أن يكون هناك تنافس في بعض القضايا ولكن يبقى المشروع هو نفسه وهو السيطرة، ليأتي لنا المشروع الاستعماري الأكبر والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وهو مشروع الهيمنة الإمبريالية البشعة وهذا قد بدأت فيه منذ أن سيطرت واشنطن على المحيط الأوروبي في الحرب العالمية الثانية إلى أن عززت ذلك بعد سقوط جدار برلين، فما كان التقاء المشروع الإيراني بالأمريكي هو الهدف المشترك هو السيطرة على الشرق الأوسط والذي اتضحت فيه مشاريع استعمارية فكرية عقائدية في قضية العرب الأولى وهي فلسطين.

الفكرة هي كانت واضحة بهدم أي انتماء عربي إسلامي يراعي مصلحة المواطن العربي وتحريك الانتماءات الحزبية الموالية لثلاثة مشاريع التي تشترك في فكرة واحدة، فإسرائيل وهي ذراع أمريكي بالمنطقة وهذا لا يمكن تغافله، تسعى ليكون لها تأثير ونفوذ وسط هذه الفوضى ولكن التاريخ الفارسي يؤكد حجم الارتباط بين تل أبيب وطهران فقد كانت الحرب العراقية الإيرانية خير مثال على ذلك.

إذاً هل هناك شيء تغير؟، لا أعتقد أن تحالف المشاريع الاستعمارية على خلاف في هذه اللحظة والدليل على ذلك أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد خفف العقوبات على إيران مما ضخ 80 مليار دولار وفي المقابل فإن هناك دول لا زالت تتمتع بحرية التحرك مع روسيا وبعلم واشنطن من دون أن يتحرك البيت الأبيض بفرض عقوبات على تلك الأنظمة كما أن ممثل أمريكا في الشرق الأوسط وهي إسرائيل تقوم بأعمال وجرائم إنسانية بغزة بدعم من واشنطن والقوى الغربية.

خلاصة الموضوع، هذه مشاريع استعمارية واضحة المعالم، وأهدافها واضحة وهي ليست أول أو آخر المشاريع التي تحاك بالمنطقة وبالسابق كان هناك المشروع الاشتراكي والذي قد يعود بمباركة إيران وغيرها في حال طلاقهما من واشنطن، وبالتالي فإن الحنكة السياسية التي يقوم به بعض قادة دول الخليج مبنية على مسايرة هذه المشاريع من خلال تطبيق استراتيجية سياسية وهي الردع والموائمة والتعايش بهدف عدم خلق مواجهة قد تؤدي إلى حرب تستنزف الدول ومقدراتها وهذا ما ترنو إليه هذه المشاريع.