كلمات مؤثرة قالها مراسل تلفزيون فلسطين في غزة بعد استشهاد زميل له وأسرته حيث قال: «نحن هنا ضحايا، ضحايا على الهواء مباشرة نفقد الأرواح واحداً تلو الآخر بلا أي ثمن، نمضي شهداء فقط مع فرق التوقيت، نحن ننتظر الدور واحداً تلو الآخر».

وهذا حال جميع الفلسطينيين داخل غزة كباراً وصغاراً نساء ورجالاً وصحفيين وأطباء ومسعفين ومعاقين، جميعهم يحملون معهم أكفانهم، حرب غزة حرب دموية غير متكافئة وغير إنسانية، أقسى إبادة جماعية في التاريخ، تدمير متعمّد وممنهج لإبادة على أسس عرقية ودينية وطمس للهوية الفلسطينية في غزة، هي كارثة إنسانية تجرد الجيش الإسرائيلي من أدنى معاني الإنسانية في استخدامه لأبشع أنواع الممارسات في الحرب من عتاد وأسلحة محرمة دولياً في قصف المدنيين والأحياء السكنية وقصف المستشفيات واستهداف الصحفيين والإعلاميين والمرضى والجرحى وسحق كل دابة تمشي على الأرض في حرب شيطانية لا نهاية لها.

غزة أصبحت أطلالاً لآثار الديار وأهلها، كانت تنبض أرضها بالحياة، أطفال يلعبون في الطرقات ويدرسون في المدارس، أمهات تعدّ الطعام وتتباهى بأطيب أنواع الزيتون وثمار الأرض، ومستشفيات تعالج المرضى، وأصوات الفرح هنا وهناك، وضحكات الأطفال لا تهدأ، فالحياة تدب في فلسطين لأنها الحياة، وفجأة يصمت كل ذلك ليعلو صوت الصواريخ والدمار ولا يبقى غير أنين الأطفال وألم الكبير وصوت الثكالى وحزن يخيم على العالم أجمع في استشهاد الإنسانية.

أطفال يموتون كل لحظة وأشلاء تجمع ومستشفيات تسحق وأكفان ما عادت تكفي، فغزة أصبحت مقبرة جماعية، كل شبر من أرضها يروي بشاعة الحرب وظلم المعتدي وقساوة أن تدافع عن أرضك وهويتك وتاريخك، تروي عن وعد بلفور وإعلان دعم تأسيس وطن لإسرائيل في فلسطين الذي سيظل عاراً على مر التاريخ بعد هذه المجازر والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، فرائحة الدماء ستبقى تندد بخذلان الإنسانية وقتل الحياة، لا مستشفى، لا بيت، لا فراش، لا مدارس، لا طعام، لا ماء، لا دواء، أهل فلسطين في الداخل جميعهم شهداء مع فارق التوقيت.