لم تكن الحملة الوطنية البحرينية لدعم الأشقاء في فلسطين «نحن معكم»، والتي أطلقت بتوجيهات من جلالة الملك المعظم ومتابعة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، مرتبطة بالدرجة الأولى بالجوانب المادية، رغم أهميتها، ولكنها تأتي تأكيداً على ما يكنه البحرينيون من مشاعر أخوية تجاه أبناء الشعب الفلسطيني، وتأكيداً على محورية القضية وأهميتها لكل فرد من أفراد الشعب البحريني. الموقف البحريني، الرسمي والشعبي، الداعم والمساند للقضية الفلسطينية لم يكن بحاجة في يوم من الأيام إلى إعلان أدلة أو مسوغات أو إظهار مواقف؛ فعلى مدى الصراع والممتد لأكثر من 70 عاماً كان البحرينيون حاضرين في كل مفاصل القضية الفلسطينية، داعمين مساندين للحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وعاصمتها القدس.

ولأنه لا يمكن اختصار القضية الفلسطينية فيما جرى منذ السابع من أكتوبر وما تبعه من هجوم على المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ، والذي خلف آلاف الضحايا والمصابين وعشرات الآلاف من النازحين؛ فبالتالي لا يمكن اختصار موقف البحرين في ما بعد السابع من أكتوبر أيضاً.

العلاقة البحرينية – الفلسطينية لم تبدأ مع النكبة الفلسطينية عام 1948، بل منذ إطلاق وعد بلفور في العام 1916، وهو ما أرخه الباحث والأديب والصحافي البحريني، المرحوم خالد البسام، في كتابه «كلنا فداك.. البحرين والقضية الفلسطينية 1917 – 1948»، حيث تضمنت صفحات الكتاب العديد من صور الدعم والمساندة التي قدمها أبناء البحرين لإخوانهم في فلسطين، مادياً ومعنوياً وإعلامياً، إضافة إلى وجود عدد من المتطوعين الذين انضموا لكتائب المجاهدين منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

الدعم والوعي البحريني للقضية الفلسطينية وأبعادها ظهر مبكراً مع صدور وعد بلفور، وقد تمثل الدعم عبر ما تم جمعه من تبرعات استجابة لنداءات المجلس الأعلى الإسلامي في فلسطين ولدعم ترميمات المسجد الأقصى بالقدس، والذي تزايد مع الإعلان عن الاكتشافات البترولية في البحرين مطلع العقد الثالث من القرن الماضي.

ولا شك في أن الظهور الكبير لطبقة المتعلمين والمثقفين البحرينيين ساهم بشكل واضح في زيادة الوعي الشعبي بالقضية الفلسطينية، حيث ساهم المثقفون البحرينيون آنذاك في التثقيف الشعبي لهذه القضية الوطنية، عبر الأندية والجمعيات والمساجد والمدارس، وهو ما مثل البذرة الأولى للإيمان الشعبي بهذه القضية، والذي لا يزال يتوارث جيلاً بعد جيل إلى اليوم.

كل هذه المساندة الشعبية للحق الفلسطيني لم يكن لها أن تتواصل بكل هذا الزخم لولا الدعم الذي حظيت به من قادة البلاد، والذين كانوا دائماً على رأس المتبرعين والمساهمين والداعمين للأشقاء في فلسطين.

واليوم.. تترسخ الصورة أكثر فأكثر، فها هو جلالة الملك المعظم يجوب عواصم العالم، حاملاً الرسالة البحرينية الأزلية بضرورة حماية المدنيين وإيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية، والمرتكز على مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية بهذا الشأن.