صور قتلى وجرحى، أطفال مشردون، عوائل متفرقة، منازل مهدمة، دمار شامل وكأنها من الحرب العالمية، وشوارع لا يمكن السير بها بأي شكل من الأشكال.. كل ذلك في رقعة جغرافية صغيرة، أطلق عليها قطاع غزة.

هي ذاتها المشاهد المتكررة منذ أن وعيت على الدنيا، وبدأت أشاهد القنوات الإخبارية التي تبث بشكل مباشر الأخبار من كل أنحاء العالم.

الأدهى والأمر، هو الدعم الدولي الذي يحظى به القاتل، ومرتكب هذه المجازر، في حين أن الضحية أصبح هو الجلاد في أعين دول العالم، ولا يدعمونه ولو بشق تمرة، وكأنما معايير حقوق الإنسان لا تنطبق عليهم.

بل وحتى معايير الحريات التي يتشدق بها الغرب، غير مطبقة عليهم أيضاً، فأصبح من غير المسموح الخروج بتظاهرات دعماً لهم، رغم السماح بخروج مظاهرات من أجل قطة توفيت بحادث سير.

ولا يسمح بتداول صور الدمار في غزة، ولا صور القتلى والجرحى، ولا تقديم أي شكل من أشكال الدعم المادي أو الإنساني أو الطبي لشعب أعزل، كل ما يريده هو العيش بسلام على أرضه ووطنه، بعيداً عن الحسابات السياسية لأي طرف من الأطراف.

واستخدموا الذكاء الاصطناعي في قمع هذه الحريات، لكي لا تعلم شعوبهم، حقيقة مواقفهم المتذبذبة، وكيلهم بمكيالين في القضايا الإنسانية، ورغبتهم في التخلص من الفلسطينيين، وقضيتهم، ولكن على طريقتهم الخاصة، لا على الطريقة التي يتشدقون بها، ويدعون أنهم يقفون إلى جانبها.

بل والأعجب، أنهم يرفضون مشروعاً لوقف إطلاق النار، والسلام كما يدعون، ولو كان على طريقتهم، فدماء العرب والمسلمين ليست مهمة بالنسبة لهم، والدمار ليس مهماً طالما ليس في مدنهم وقراهم وأماكنهم.

هم لم يفهموا، أن أصحاب الحق سيعود لهم هذا الحق ولو بعد حين، وما يقدمونه الآن سيجدونه لاحقاً أمام أعينهم، وربما في مدنهم، وفي أنفسهم حتى.

تشريدهم لن يجدي نفعاً، ومحاولة إقامة الوطن البديل مرفوضة تماماً، وهي لن تحدث مهما حصل، ومهما بلغ عدد الضحايا، ومهما بلغ الدمار في غزة أو غيرها، التي اعتادت على أن تكون منطقة منكوبة، وأهلها مرابطون.

الأرواح البريئة التي فاضت إلى باريها ستُسائلهم، الآن أو لاحقاً، ولن يهنئوا بنومهم، ولا حتى بعد موتهم، وستسألهم روح كل طفل وطفلة طالتهم يد القصف والقتل.. «بأي ذنب قتلت»؟