هل تريد إسرائيل أن يتعاطف معها العالم لأنها تعرضت لإطلاق صواريخ من حماس؟! هل تريد أن تثبت كونها «ضحية مسكينة» لاستهداف جاءها على حين غرة؟! في المقابل تريد العالم أن يصفق لها وهي تقتل أبرياء وعزلاً، بل تقتل أطفالاً، نعم أطفال قتلتهم صواريخ وقذائف الاحتلال بوحشية وعنف، ورأى العالم بعينيه المآسي والمجزرة التي حصلت في مستشفى «المعمداني» بغزة، والتي لا يمكن وصفها إلا بجرائم حرب وإبادة، هي مدانة بالقانون نفسه واتفاقية جنيف وكل شيء كتبت عليه أعراف الإنسانية.

ما حصل خلال الأيام الماضية، وفوقه القصف الغادر الإجرامي على مستشفى يعج بالأبرياء وبالأخص الأطفال، جعل العالم ينطق، وجعل الكل يستنكر هذه الوحشية المقصودة، بل جعل حتى الحجر يتحرك. فالمشاهد تثبت أن الجيش الإسرائيلي ليس في مواجهة مع من يحاربونه بالسلاح، بل يقوم بعملية إبادة وتسوية للبشر العزل وحتى الجماد والأبنية بالأرض.

أي سكوت يريدونه، وأي تبرير يقدمونه للإقناع، وأي ادعاء كاذب بأنهم يدافعون عن أنفسهم، ونحن نرى أطفال العرب يمزقون إلى أشلاء؟! ونحن نرى ذويهم يحملون أشلاءهم في أكياس، أو ما تبقى منها، بل نرى عشرات الفيديوهات التي تبين هذه المعاناة الإنسانية التي لا تصنف إلا على أنها جرائم حرب مقصودة وتتم بأعين قوية، بل بدعم من الولايات المتحدة نفسها التي وصل رئيسها إلى الأرض المحتلة، لا ليقوم بتهدئة الأمور ويوقف إطلاق النار ويجمد آلة القتل الإسرائيلية، بل ليعلن تضامنه مع الكيان القاتل، ويقدم خدماته لإسرائيل ويقول إن واشنطن ستزودها بكل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها!!

يا رجل، أي دفاع عن النفس؟! أنت تعلم والعالم يعلم أن ما طال إسرائيل وكأنها فرصة تنتظرها لترد عليها بأضعاف مضاعفة من التدمير والقتل والقصف الذي لا يهم إن جاء ليقضي على مقاومين لهم بالسلاح، أو إن جاء ليدمر أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ.

بالله عليكم، أي وحشية هذه؟! بالله عليكم، ألا يتأثر أحد منكم وهو يرى الأطفال مبعثرين هكذا جثثاً ممزقة؟! ألا تدمع أعينكم، ألا تهتز أبدانكم لما يحصل لهم، وهم لا حول ولا قوة لهم، وهم لا يملكون إلا رفع الأيدي للمولى القهار، قاهر كل جبار ومتغطرس وظالم.

أي دفاع عن النفس يا بايدن؟! كيف تساوي بين الكفتين؟! وهل ما قامت به حماس يُقبل بأن يرد عليه بقصف وتدمير وتعذيب وإبادة تفوق ما تعرضوا له ألف مرة؟! أوليسوا هم طيلة عقود يحاصرون هذا الشعب البريء ويحيلون حياتهم إلى جحيم ويزحفون لابتلاع ما تبقى من أرضه، ويسقطون فيه الشهداء تلو الشهداء؟! أوليسوا هم الذين سجل عليهم التاريخ قتل عشرات الأطفال الأبرياء؟!

من قُتلوا في المستشفى أطفال أبرياء، لم يكونوا حاملين للأسلحة، ولم يكونوا حتى حاملين للحجارة ليردوا على هذه الوحشية. البشر الذين يمتلكون في قلوبهم إنسانية، أو حتى ذرة منها، لم يتحملوا الصمت وتكلموا وأدانوا، إذ من يمكنه اليوم أن يبرر لما تقوم به إسرائيل؟! من يمكنه تهوين الأمر ويقول إن هذا الثمن الغالي الذي دفعه الأبرياء هو نتيجة طبيعية لرد إسرائيل على ما تعرضت له؟! والله ألم ما بعده ألم. فقط تخيلوا أن هؤلاء الشهداء الصغار هم أطفالكم.

وهنا يا للعار إن كان تصنيف ما فعله الجيش الإسرائيلي بالشعب الأعزل والأطفال لا يقع تحت خانة «جرائم حرب»، لأنه بعدها لا أدري ماذا سيكون المقصود بجرائم حرب وإبادة الأبرياء وبقصف المدنيين.

اللهم لا نسألك رد القضاء، لكن نسألك اللطف فيه. اللهم نسألك أن تحفظ إخواننا في فلسطين وأن ترحم شهداءهم وأن تنصرهم، فلا ناصر لعبادك المؤمنين إلا أنت.